مع القرآن الكريم في اختامه وتكريم حفاظه في الثلث الاخير من شهر رمضان المعظم

مع القرآن الكريم في اختامه وتكريم حفاظه في الثلث الاخير من شهر رمضان المعظم


ها نحن ندخل الثلث الاخير من شهر رمضان المعظم، ثلث الجد والاجتهاد في ما يتميز به هذا الشهر المبارك من خاصية تحصيل التقوى والتزود بها. فرمضان المعظم، هو شهر الصيام والقيام وهو شهر تلاوة القرآن الكريم وتدبره، وهو شهر عقد مجالس الاختام وتكريم حفاظ كتاب الله العزيز وتوزيع المكارم والجوائز عليهم تشجيعا لهم على الاجتهاد في تحصيله وتعلمه حتى يكونوا ممن عناهم الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله (خيركم من تعلم القرآن وعلمه) ومن يتعلمون القرآن ويحفظون سوره وآياته يتعبدون الله تبارك وتعالى بافضل ما يتعبد به بعد اداء ما فرض الله على عباده من عبادات وشعائر لا شك انها تحتل الاولوية المطلقة باعتبارها حق الله على عباده فقد قال جل من قائل (وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون) وفي هذا السياق يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه (وما تقرب الي عبدي بافضل مما افترضته عليه) فاذا ادى المؤمن هذه الفرائض مستوفية لشروطها فهي محققة له باذن الله لرضوان الله وجزائه الاوفى والاوفر، فقد قال صلى الله عليه وسلم عن من اقسم ان لا يزيد على الفرائض شيئا آخر قال عليه الصلاة والسلام (افلح صاحبكم ان صدق) الا ان هذا الفلاح ورجاء القبول يستوجب من القائم بهذه الفرائض ان يؤديها مستوفية لشروطها لا يعتريها أي خلل من غفلة او خطأ ولهذا فتح الله لعباده باب الاستزادة من الطاعات والقربات مما هو زائد على الفرائض والواجبات وهو ما اصطلح على تسميته بالنوافل من صلوات وصيام وغيرهما من الصدقات والحج والعمرة فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه (لا يزال عبدي يتقرب الى بالنوافل حتى احبه فاذا احببته صرت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها...) ومن اعظم النوافل واحبها الى الله قراءة كلامه العزيز: القرآن الكريم: تعلمه وتعليمه وعقد المجالس لتدبره وتمعن ما فيه من العبر والمواعظ والدروس وقد ضاعف الله تبارك وتعالى الثواب والاجر لمن يقرا القران الكريم، فالحرف باجره وثوابه يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا اقول الم حرف ولكن الف حرف، ولام حرف، وميم حرف) ومن فضل الله تبارك وتعالى على عباده المؤمنين ان جعل الثواب والاجر يحصل عليه ويناله من يقرأ كلام الله العزيز القرآن الكريم عن فهم وغير فهم.ويبشر رسول الله صلى الله عليه وسلم حافظ القرآن الكريم بان درجته في الجنة بمقدار ما يحفظ من آيات الذكر الحكيم. والقرآن الكريم الذي تعهد الله سبحانه وتعالى بحفظه (انا نحن نزلنا الذكر وانا له لحافظون) جعل الله فيه يسرا وسهولة لمن يبذل جهدا في سبيل حفظ كلام الله العزيز فقال جل من قائل (لقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر) ولا نزال نرى في امر القرآن واعجازه العجب العجاب: فحفاظه عن ظهر قلب من مختلف الاعمار ومن مختلف الاجناس والالوان وممن ليسوا من العرب الناطقين بلغة القرآن: اللغة العربية، هؤلاء الحفاظ يعدون بعشرات ومئات الالاف، وتلك خاصية للقرآن الكريم لا يمكن ان نجد لها نظيرا بالنسبة لأي نص نثرا او شعرا سواء كان ذلك في اللغة العربية او في غيرها من اللغات، انه التيسير الذي جعله الله تبارك وتعالى في النص القرآني المحفوظ بوعد الله (انا نحن نزلنا الذكر وانا له لحافظون)، وكم راينا حوالينا في البلاد التونسية وفي غيرها من بلاد الاسلام من زهرات شذية برائحة القرآن الكريم تتمثل في اطفال صغار دون سن العاشرة من اعمارهم او فوق العاشرة بسنة او سنتين يحفظون القرآن الكريم بتمامه وكماله عن ظهر قلب ودون ان يكون ذلك على حساب تحصيلهم العلمي في مدارسهم وكثيرا ما كان هؤلاء الاطفال الاوائل في فصولهم وفي نتائج امتحاناتهم وهذا ليس بالامر الغريب او العجيب الذي يستبعد. فالدارس للقرآن الكريم المتمرس عليه المعاشر له، التالي له اناء الليل واطراف النهار واجد فيه ولا شك حلاوة وطلاوة وروعة وجمالا يزداد في كل قراءة واعادة وتكرار وحرصا على مزيد قراءته. فالقرآن الكريم هو كلام الله الذي لا تنقضي عجائبه ولا يمله السامع انه مادبة الله، والاية الدالة على قدرته سبحانه تعالى وقد اخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم ان القرآن الكريم يبعث يوم القيامة وهو بكر رغم ما استخرج منه المفسرون والعلماء من المعاني والعلوم وفي ذلك الدليل القاطع على انه المعجزة الخالدة التي اختص بها الله تبارك وتعالى سيدنا محمدا صلى الله عليه وسلم وامته التي هي الامة الشاهدة ودين الاسلام الذي هو الدين الخاتم الجامع الكامل (ان الدين عند الله الاسلام) (ومن يبتغ غير الاسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الاخرة من الخاسرين) والذين يصحبون القرآن الكريم ويسبحون في بحره العميق يخرجون من هذه الصحبة وتلك السباحة بخير لا حد له ولا حصر له واهمه تلك الصلة بالله بتلاوة كلامه والتمسك بحبله الذي لا ينقطع والاستنارة بنوره الذي لا ظلام معه، كما ان صاحب القرآن كما اخبر عن ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم مستدرج للنبوة في صدره الا انه لا يوحى اليه، ان صاحب القرآن لا يجزع اذا جزع الناس ولا يحزن اذا حزن الناس، انه اغنى خلق الله بما اختص به الله تبارك وتعالى من حفظ وتلاوة وتدبر لكلامه العزيز الذي لا ياتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وما ينتظر صاحب القرآن الكريم في الدار الاخرة اجزل واعظم لان المولى سبحانه وتعالى يامره بالتلاوة والترقي في الدرجات في الجنة فمنزلته عند اخر اية من القرآن الكريم يحفظها وصاحب القرآن الكريم يشفع يوم القيامة في ابويه واهله اما في العاجل فان صاحب القرآن المردد له اناء الليل واطراف النهار سالك للطريق المستقيم قولا وفعلا وتصرفا ومعاملة وهل هنالك احلى منطقا وابلغ عبارة ممن تمرس لسانه على اسلوب القرآن الذي هو اروع اسلوب وابلغه وذلك هو ما شهد به القاصي والداني من المسلمين ومن غير المسلمين فلقد حرص الكثير من العرب غير المسلمين على التمرس على الاسلوب القرآني بحفظ آياته وسوره ادراكا منهم انه ابلغ نص في لغة الضاد لاجل ذلك يحرصون على حفظه وتحفيظه لابنائهم وهم غير مسلمين. والمسلمون من عرب وغير عرب اولى واجدر من سواهم بان تكون له مع القرآن صحبة وتنشئة لابنائهم على القرآن الكريم حفظا وتادبا وتخلقا اذ بالقرآن الكريم تستقيم السنتهم وتتركز في قلوبهم العقيدة الصحيحة وتتهذب اخلاقهم ومعاملاتهم وان امة يتلى فيها كتاب الله العزيز وتتعالى به اصوات صغارها اناء الليل واطراف النهار وتعمر بكتاب الله المساجد والجوامع والمنازل ويكرم فيها حفظة كتاب الله لهي امة محفوظة محروسة آمنة من كل شر وضرر لا يصيبها مكروه وهو ان اصابها فبلطف شديد



الكلمات الشائعة

 

الأستاذ محمد صلاح الدين المستاوي

خريج جامعة الزيتونة كلية الشريعة قسم الفقه وأصول الفقه : الليسانس وشهادة الدراسات المعمقة في موضوع : شروح الموطأ باحث بجامعة أكسان برفانس مرسيليا فرنسا من 2001-2002 إلى 2008-2009

الكلمات الشائعة

العنوان

28 نهج جمال عبد الناصر –تونس
+216 71 43 21 33
+216 71 32 71 30

الاسلام: حقائق وأعلام ومعالم

موقع الشيخ محمد صلاح الدين المستاوي عضو المجلس الإسلامي بتونس وخريج جامعة الزيتونة (كلية الشريعة وأصول الدين) يتضمن تعريفا بالشيخ والده الحبيب المستاوي رحمه الله وهو احد علماء الزيتونة ودعاة الإسلام حيث سيجد المتصفح لهذا الموقع فقرات من أعماله.