مداومة التذكير بمقتضيات عقيدة التوحيد

مداومة التذكير بمقتضيات عقيدة التوحيد


يحتاج المجتمع الإسلامي بعد ان أكمل له الله دين الاسلام وأتمه له وبعد ان التحق صاحب الرسالة عليه الصلاة والسلام بالرفيق الأعلى إلى من يذكر المسلمين بين الحين والآخر بمعالم هذا الدين الحنيف ومقاصده وأهدافه ذلك ان الناس إذا طال عليهم العهد تصبح الحقائق لديهم باهتة والأركان الثابتة متزعزعة، فالله تبارك وتعالى لا يرضى لعباده الشرك ولا يقبل منهم إلا ما كان خالصا صادقا واضحا ممحضا لوجه الله وكل خطايا الناس وذنوبهم لم تصل إلى حد الشرك بالله قابلة للصفح والعفو والتجاوز والغفران (إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء) – النساء فالتوحيد هو ركن الإسلام الأول وأساسه الثابت إذا تهدم تهدمت من بعده كل أركان الإسلام وإذا ما بقي ثابتا راسخا واضحا في نفس المؤمن فإن غيره من بقية الأركان تجبر وتصلح وترجع الى سابق أمرها. والقرآن الكريم والسنة النبوية الطاهرة يعجان بالنصوص المكررة المؤكدة على المحافظة على التوحيد مقدمة بالقصة والعبرة مآل من أشرك بالله والتوحيد هو جوهر كل الرسالات السماوية وبالخصوص رسالة الاسلام التي أرادها الله تبارك وتعالى رسالة جامعة لكل خير محتوية على ما يصلح للانسان في حاله ومآله تنزل بالتوحيد وبالنور والهدى الكتاب العزيز وبين ذلك ووضحه أجلى توضيح سيد الأنام عليه أفضل الصلاة وأزكى السلام الذي جعله الله حجة على عباده فما من خير يقرب الى الله إلا ودعاهم اليه ورغبهم فيه وما من شر يبعد عن الله ويدخل الى النار إلا وحذرهم منه ومن المآل الذي ينتظر سالكه واتخذه منهجا وبالخصوص فيما يتعلق بكيفية عبادة الله والتقرب اليه في ميدان العقيدة التي هي ما يعبر عنه بالفقه الأكبر أو ما يتعلق بالعبادة وهي المنهج الذي يتقرب به العبد الى الله سبحانه وتعالى لقد علم الله تبارك وتعالى عجز عباده عن معرفة ذاته وصفاته فأرسل لهم الرسل و الأنبياء وانزل عليهم الكتب والصحف تبين لهم ما ينبغي عليهم نحو بارئهم وخالقهم ومصورهم تبارك وتعالى ذلك ان الناس مهما سمت عقولهم ومداركهم عاجزون عن التوصل الى معرفة الله بغير طريق الوحي المنزل من عند الله من طرف الرسل والأنبياء عليهم الصلاة والسلام والذين لا ينطقون عن الهوى والذين يعلمهم الله ما لم يكونوا يعلمون بوحيه الذي يوحيه إليه، فرغم ان العقل السليم قار على الاهتداء إلا ان رحمة الله بعباده جعلته لا يجعل الحجة قائمة عليهم بمجرد ان وهبهم عقولا سليمة بل أضاف الى ذلك إرسال الرسل وبلوغ الدعوة وذلك لإقامة الحجة ليؤمن من يؤمن على بينة ويكفر من يكفر على بينة ويتحمل بعد ذلك كل انسان تبعات ونتائج خياراته يقول جل من قائل وما (كنا معذبين حتى نبعث رسولا) الإسراء ، فإذا بعث الرسول وبلغ دعوته فبعد ذلك يتبين الحق من الباطل والرشد من الغي والهداية من الضلالة فلا مجال للإكراه والإلزام، بل حرية وإرادة لا ظلم فيه ذلك ان الله تبارك وتعالى حرم الظلم على نفسه وجعله بين عباده حراما فكيف يدخل في ا لنار من لم يهده ولم يرشده الى سواء السبيل؟ لقد تعددت عبر الأزمان الطويلة الرسالات والأديان وتنزلت الكتب والصحف وتوالى إرسال الأنبياء والرسل حتى بلغ أعدادهم العشرات بل المئات، بل الآلاف ولكنهم كلهم يدعون الى حقيقة واحدة يذكرون بها الناس ويدعونهم اليها ان لا يعبدوا إلا الله ولا يشركوا به شيئا فهم من آدم الى محمد صلى الله عليه وسلم مرورا بابراهيم واسحاق ويعقوب وموسى وعيسى وغير هؤلاء يستقون من معين واحد ويدعون الى نفس الرسالة رسالة التوحيد وبختم الرسالات واكمال الدين على يدي سيد الأنام عليه الصلاة والسلام أصبحت أمانة التوحيد بين أيدي المسلمين تضمنها الأصلان الثابتان كتاب الله وسنة رسوله وقد ذكر بذلك الرسول صلى الله عليه وسلم في عديد المناسبات فعن العرباض بن سارية رضي الله عنه قال (وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم موعظة وجلت منها القلوب وذرفت منها العيون فقلنا يا رسول الله كأنها موعظة مودع فأوصنا قال أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة وان تامر عليكم عبد وانه من يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل بدعة ضلالة) و العقيدة السليمة بينها الكتاب العزيز والسنة النبوية الطاهرة وكل من ابتغى الهدى والرشاد في غيرهما فلن يظفر به بل سيكون مصيره الى الهاوية، ان ما وهبه الله للانسان من عقل سليم وحواس مدركة وما بث في الكون من آيات كل ذلك يستعان به على مزيد التثبيت والترسيخ لما ورد في الأصلين الثابتين ومن أراد الزيادة او التنقيص فقد اتهم صاحب الرسالة عليه السلام بالخيانة والتقصير وهو ما يأباه الله لعباده وما لا يقبله منهم لقد أدرك هذه الحقيقة كل عاقل فالدين قد كمل وتم فعن طارق بن شهاب قال قال رجل من اليهود لعمر بن الخطاب رضي الله عنه لو ان علينا نزلن هذه الآية اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا، المائدة لاتخذنا ذلك اليوم عيدا فقال عمر اني لأعلم أي يوم نزلت فيه هذه الآية نزلت يوم عرفة في يوم جمعة في حجة الوداع رواه البخاري فما كان في ذلك اليوم عندما نزلت تلك الآية دينا فهو دين الى يوم القيامة وما لم يكن دينا فلن يدخله انسان مهما ادعى من حسن النية والاصلاح في الدين ولن يجعله منه تلك النعمة ينبغي علينا ان نقيدها بالشكر وان نحاسب أنفسنا عليها هل حافظنا عليها؟ وهل بلغناها الى غيرنا ممن لا يزال يخلط بين الخالق والمخلوق والعبد والمعبود والصانع والمصنوع مهما تقدمت العلوم والحضارة مما يدل دلالة لا تقبل الشك ان الناس سيبقون في كل زمان وكل مكان في حاجة ماسة الى رسالات السماء وهل هناك رسالة أوضح وأشمل وأيسر وأبعد عن التحريف والتزييف والنقصان عير رسالة الإسلام ودين سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام الذي اليه ننتمي وبه نتشرف وعليه ندعو الله تبارك وتعالى ان يقبضنا ويحشرنا لأنه الدين الذي لن يرضى الله تبارك وتعالى من عباده بسواه (ومن يبتغ غير الاسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين) آل عمران . الا انه لا دين صحيح ولا عقيدة سليمة غير دين الاسلام (إن الدين عند الله الاسلام) فعلى المسلمين ان يحافظوا على هذا الدين وعقائده فلا يزيفوها ولا يحرفوها وعليهم أن لا يصفوا أي مخلوق من المخلوقات ولا أي ظاهرة من الظواهر الطبيعية بما هو للخالق البارئ المصور مهما كان هذا المخلوق مقربا الى الله ولقد أتى على المسلمين زمان ضعفت فيه عقائدهم وتزعزع ايمانهم وطال عليهم العهد فقصدوا الأضرحة والقبور وتمسحوا بها واوقدوا لها الشموع وذبحوا عندها الذبائح واستجاهوا بها وطلبوا منها قضاء حوائجهم وكل ذلك انحراف عن منهج التوحيد وزيغ عن طريق الهداية والاستقامة وهو بداية الشرك والكفر وينبغي ان تتوضح في عقولهم، مسائل الايمان فلا تتزعزع وحتى اذا ما قصدوا قبرا للزيارة فليكن ذلك في إطار من الشرع الحنيف بعيدا عن البدع والمنكرات لأن الله لا يقبل ان يقع التقرب اليه بالمعاصي والموبقات فإذا ما زار المسلمون موتاهم سواء عموم الموتى أو من شهدت لهم الأمة بالصلاح فليكن ذلك في إطار من آداب الشرع الحنيف ولتكن العبرة والموعظة هي المقصد والغاية فإذا ما وقف المسلم أمام قبر فليستحضر معاني الفناء والموت وليعلم ان الخلود والبقاء إنما هو لله وحده، تفرد بذلك وان كل حي يموت (وان ليس للانسان إلا ما سعى وان سعيه سوف يرى) وهذه الوقفة سيتبعها ولا شك اعتبار وخشوع وخوف وخشية ينجر عن ذلك دعاء صادق وابتهال خاشع وتوجه الى الله ولذلك فإن ما تراه من تقاطر على المقابر هي عادات يقبل منها الاسلام ويرفض يقبل ما كان موافقا للشرع الحنيف وما كان محققا لغاياته وأهدافه ، ويرد ما يناقض مقاصده وما يمكن أن يمس أسسه وأركانه بداية بركن التوحيد الخالص وانتهاء ببقية الأركان فلا ينبغي أن تكون المقابر أماكن لهو وغيبة ونميمة وتبرج وتهتك ونسيان لحدود الشرع وآدابه فما يأتيه بعض عوام المسلمين من عادات يحتاج الى ترشيد وتوجيه حتى لا ينقلب الى عمل مردود على صاحبه غير مقبول فكثيرا ما كانت النوايا حسنة والطوايا طيبة ولكن الوسائل لا يقر عليها الإسلام



الكلمات الشائعة

 

الأستاذ محمد صلاح الدين المستاوي

خريج جامعة الزيتونة كلية الشريعة قسم الفقه وأصول الفقه : الليسانس وشهادة الدراسات المعمقة في موضوع : شروح الموطأ باحث بجامعة أكسان برفانس مرسيليا فرنسا من 2001-2002 إلى 2008-2009

الكلمات الشائعة

العنوان

28 نهج جمال عبد الناصر –تونس
+216 71 43 21 33
+216 71 32 71 30

الاسلام: حقائق وأعلام ومعالم

موقع الشيخ محمد صلاح الدين المستاوي عضو المجلس الإسلامي بتونس وخريج جامعة الزيتونة (كلية الشريعة وأصول الدين) يتضمن تعريفا بالشيخ والده الحبيب المستاوي رحمه الله وهو احد علماء الزيتونة ودعاة الإسلام حيث سيجد المتصفح لهذا الموقع فقرات من أعماله.