قرارات مجمع الفقه الاسلامي الدولي بجدة ثمرة لاجتهاد جماعي معاصر
مجمع الفقه الاسلامي الدولي الذي يتخذ من مدينة جدة مقرا له والتابع لمنظمة التعاون الاسلامي التي تضم في عضويتها كل الدول الإسلامية والمجمع بهذا الاعتبار هو أرفع هيئة علمية دينية تمثل فيه كل البلدان الإسلامية بمختلف مذاهبها الفقهية سنية (مالكية وحنفية وشافعية حنبلية) وغيرها الجعفرية والإمامية والإباضية) والمجمع يتجه نحو ضم بعض المذاهب الأخرى التي تتوفر على موروث فقهي جدير بأن يُضاف إلى الثروة الفقهية الإسلامية الكبرى التي تمتلكها الأمة الإسلامية على امتداد تاريخها الطويل. • يعقد مجمع الفقه الاسلامي الدولي دورات اجتماعية بانتظام والتي تستضيفها الدول الإسلامية والعربية ودورة المجمع القادمة ستكون في الكويت ويُعدّ أعضاء وخبراء المجمع أبحاثا في محاور يختارها مجلس المجمع ومكتبه الذي يرأسه الدكتور صالح بن عبد الله حميد إمام المسجد الحرام ويتولى أمانته العامة الدكتور أحمد خالد أبو بكر وبعد عرض الأبحاث المقدمة إلى دورة المجمع يصدر المجمع قراراته وتوصياته وبياناته في أمهات المسائل التي تكون في غالب الأحيان في القضايا المستجدة والمستحدثة التي تشغل أذهان أفراد الأمة ومجتمعاتها على امتداد البلاد الإسلامية وخارجها حيث يوجد مسلمون في مختلف القارات وتتناول هذه القرارات والتوصيات مجالات العبادة والمعاملة في ميادين الطب والعلم والمال والاقتصاد والثقافة والإعلام وغيرها • ولقد مضى مجمع الفقه الاسلامي الدولي في توثيق كل ما يعده أعضاؤه وخبراؤه من بحوث ودراسات في مجلدات بآلاف الصفحات التي تعد بحقّ موسوعات فقهية تُضاف إلى الموسوعتين الفقهيتين اللتين أصدرتهما كل من الكويت ومصر وأخريات تصدر في ايران وتركيا وغيرهما ولكن في غير شمول وتوسع وكذلك ما أقدم عليه بعض الباحثين من مبادرات عامة ومختصة • ومجمع الفقه الاسلامي الدولي في سبيل إتاحة الفرصة للباحثين والدارسين والمهتمين والمتابعين استعمل كل الوسائط المتاحة (انترنات وأقراص) فبحوثه وقراراته وتوصياته في المتناول لكل راغب إذ هي ثمرة ونتيجة للأبحاث والدراسات المعدة من طرف الأعضاء والخبراء والتي تستأنس بكل ما تنتهي اليه الحلقات الدراسية والبحثية في مختلف المجالات التي يعقدها بالتعاون مع الهيئات المختصة فإن هذه القرارات والتوصيات فيها الإجابة عن القضايا المعروضة على أنظار المجمع والتي تمثل إجابات وحلولا لمشاكل الأفراد والمجتمعات الإسلامية التي تعيش تحديات اقتضاها التطور الكبير في كل مجالات الحياة العلمية والطبية والاقتصادية المالية والاجتماعية الحضارية والتي لا سبيل للأفراد مهما توفر لهم من تكوين علمي للإحاطة بكل جوانبها الأمر الذي يقتضي منهم التكامل فيما بينهم وهذا هو الدور الذي تباشره المجامع الفقهية والعلمية والتي تعددت في السنوات الأخيرة (المجمع الهندي المجمع الأروبي ومجمع الأمريكيتين ومجمع السودان ومجمع رابطة العالم الاسلامي ورئاسة البحوث العلمية والافتاء وهيئة كبار العلماء ومجمع البحوث الإسلامية بالأزهر وغيرها من الهيآت هنا وهناك) • ومجمع الفقه الاسلامي الدولي بجدة هو المجمع الأكبر والأوسع تمثيلا: أعضاء وخبراء والأكثر تواترا في انعقاد دوراته والأدق توثيقا من خلال ما تتضمنه المجلدات الصادرة عنه والتي تعد صفحاتها بالآلاف وفي إطار توفير مادة فقهية وجعلها متاحة بين أيدي الدارسين والمهتمين أصدر مجمع الفقه الاسلامي الدولي كتابا اشتمل على قرارات وتوصيات المجمع للدورات (2 – 19) وهي القرارات من 1 إلى 185 للفترة الممتدة من 1406 إلى 1432 الموافق 1985 إلى 2011 وقد طبعت على نفقة الأمانة العامة للأوقاف بالشارقة بدولة الإمارات العربية المتحدة كتب مقدما لهذا السفر فضيلة الشيخ صالح بن عبد الله بن حميد رئيس المجمع والدكتور أحمد خالد أبو بكر الأمين العام للمجمع وقد راجع القرارات والتوصيات وأعدّ المقدمة التعريفية الدكتور أحمد عبد العليم أبو عليو مدير إدارة الدراسات والبحوث بأمانة المجمع وقد جاءت القرارات والتوصيات في مواضيع عديدة نذكر منها: أطفال الأنابيب، بنوك الحليب، أجهزة الإنعاش، التعامل المصرفي بالفوائد، توحيد بدايات الشهور القمرية، زكاة الأسهم، الإحرام للقادم للحج والعمرة بالطائرة والباخرة، أحكام النقود الورقية، الانتفاع بأعضاء جسم انسان آخر حيا كان أو ميتا، انتزاع الملكية للمصلحة العامة، بدل الخلو، التأجير المنتهي بالتمليك، تنظيم النسل، التمويل العقاري، البيع بالتقسيط، إجراء العقود بآلات الاتصال الحديثة، زراعة الأعضاء (خلايا المخ، البيضات الملقحة الزائدة عن الحاجة، الأعضاء التناسلية) حوادث السير، بيع العربون، السرّ في المهن الطبية، مرض نقص المناعة (الايدز)، قضايا العملة، مبدأ التحكيم، الاستنساخ، الذبائح، بطاقة الائتمان، التضخم وتغير قيمة العملة، ترجمة القرآن، موقف الاسلام من الغلو والتطرف، بيع الدين، مرض السكري وصيام رمضان، تحديد سن البلوغ وأثره في التكليف، الإذن في العمليات الجراحية المستعجلة، الجراحة التجميلية وأحكامها، إلى غير ذلك من عشرات القرارات والبيانات المتعلقة بسائر مجالات حياة الفرد والمجتمع التي أجاب عنها مجمع الفقه الاسلامي الدولي بعد البحث والتمحيص من طرف أعضائه وخبرائه والمختصين في مختلف المجالات العلمية والطبية والمالية وغيرها حيث يوزع المجمع هذه المواضيع على فرق تستعرض الأبحاث المعروضة على أنظار المجمع في دوراته المتتالية فجاءت هذه القرارات والتوصيات محققة للمأمول والمرجو مقدمة للحلول والإجابات الشرعية على المشاغل والمسائل المستجدة والمستحدثة في اجتهاد جماعي محقق لصلوحية الشريعة الإسلامية لكل الأزمنة والأمكنة باعتبارها تسعى إلى درء المفسدة وجلب المصلحة (فحيثما وجدت المصلحة فثم شرع الله) في يسر ورحمة ورفق ونفي للشدة والحرج (يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر) (ما جعل عليكم في الدين من حرج) • إن هذا السفر الصادر عن مجمع الفقه الاسلامي الدولي بجدة يسدّ فراغا ويوفر مادة جاهزة وميسورة أتاحها المجمع مشكورا وجعلها على ذمة المحتاجين اليها والباحثين عنها ولعل هذا التعريف الموجز بها يدفع إلى الحرص على الاطلاع عليها والإفادة بها ولا يخفى ما في ذلك من عظيم الأجر وجزيل الثواب للجميع.
