في رحاب القرآن: من أحكام المساجد وآدابها وثواب عمارتها

في رحاب القرآن: من أحكام المساجد وآدابها وثواب عمارتها


بسم الله الرحمان الرحيم يقول الله تعالى “في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والآصال رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة يخافون يوما تتقلب فيه القلوب والأبصار ليجزيهم الله أحسن ما عملوا ويزيدهم من فضله والله يرزق من يشاء بغير حساب”.صدق الله العظيم: الآيات 36 و37 و38 من سورة النور قوله تعالى (في بيوت أذن الله أن ترفع) هذه البيوت التي أذن الله إن ترفع وتقام أركانها هي المساجد والجوامع أين يتقرب إلى الله بأفضل ما يتقرب به إليه من العبادات والطاعات سواء كان ذلك الصلوات (فرائض ونوافل) أو كان ذاك الأذكار وأعلاها تلاوة كتاب الله وتسبيح الله وحمده واستغفاره والصلاة على نبيه محمد عليه السلام والدعاء والضراعة، (والدعاء مخ العبادة) وزبدتها أو كان ذلك حتى مجرد الجلوس للتفكر والتدبر وانتظار الصلوات والجلوس في المساجد والجوامع بما ينبغي من الأدب أي باجتناب اللغو واجتناب البيع والشراء وسائر الشواغل الدنيوية كل ذلك من عمارة المساجد والجوامع. والجالس في بيت الله هو في ضيافة صاحب ذلك البيت الذي هو الله (وان المساجد لله فلا تدعو مع الله أحدا). جاء في الآثار (من جلس في المسجد فانه يجالس ربه) وجاء في التوراة (إن المؤمن إذا مشى إلى المسجد قال الله تبارك اسمه عبدي زارني وعليّ قراه ولن أرضى له قرى دون الجنة) وورد في معنى (في بيوت أذن الله أن ترفع) إنها المساجد المخصصة للعبادة وأنها بيوت بيت المقدس وأنها بيوت النبي صلى الله عليه وسلم، وأنها البيوت كلها وقال القرطبي: وقوله تعالى (يسبح له فيها بالغدو والآصال) قيل إنها المساجد، وقيل إنها المساجد الأربعة التي لم يبنها إلا نبي (الكعبة وبيت أريحا ومسجد المدينة ومسجد قباء) وإذن الله (أذن الله..) هو أمر الله وقضاؤه وترفع تبنى وتعلى ومنه قوله تعالى (وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت) وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من بنى مسجدا من ماله بنى الله له بيتا في الجنة). قال الحسن البصري في معنى ترفع تعظم ويرفع شأنها وتطهر من الأنجاس والأقذار. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من اخرج أذى من المسجد بنى الله به بيتا في الجنة) وروي عن عائشة رضي الله عنها قالت (امرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نتخذ المسجد في الدور وان تطهر وتطيب) انظر الصفحة 266 من الجزء الثاني عشر من تفسير الجامع لأحكام القرآن. وفي حكم جواز أو عدم جواز تزيين المساجد أورد القرطبي أقوال من كرهها ومن أباحها واستدل على ذلك بما أورده أبو داود (لا تقوم الساعة حتى تتباهى الناس في المساجد) وما أورده البخاري وقال انس (يتباهون بها ثم لا يعمرونها إلا قليلا) وقال ابن عباس (لتزخرفنها كما زخرفت اليهود والنصارى) وروى الترمذي من حديث أبي الدرداء قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إذا زخرفتم مساجدكم وحليتم مصاحفكم فالدبار عليكم) كل هذه النصوص احتج بها من كره زخرفة المساجد ونقشها في حين رأى من أباحوا الزخرفة أن في ذلك التعظيم وهو داخل في معنى قوله تعالى (في بيوت أذن الله إن ترفع) قال القرطبي بمعنى تعظم وقال أبو حنيفة: لا باس بنقش المساجد بماء الذهب. وللمساجد والجوامع بيوت الله أفعال وتصرفات تصان عنها وتنزه منها وهي كل ما فيه الأذى من رائحة وقول شيء وقد ورد في التحذير من ذلك والنهي عنه أحاديث عديدة منها قوله عليه الصلاة والسلام (من أكل من هذه الشجرة (يعني الثوم) فلا يأتينّ مساجدنا) قال القرطبي في بيان علة هذا المنع قال العلماء (وإذا كانت العلة في إخراجه من المسجد (من أكل ثوما أو بصلا) انه يتأذى به ففي القياس إن كل ما تأذى به جيرانه في المسجد بأن يكون ذرب اللسان سفيها عليهم أو كان ذا رائحة قبيحة لا تريمه (لا تفارقه) لسوء صناعته أو عاهته مؤذية كالجذام وشبهه وكل ما يتأذى به الناس كان لهم إخراجه ما كانت العلة موجودة فيه حتى تزول وكذلك يجتنب مجتمع الناس حيث كان لصلاة أو غيرها كمجالس العلم والولائم ما أشبهها) انظر 268 ممن الجزء 12 من الجامع لأحكام القرآن. وبين القرطبي أن النهي عن عدم اقتراب المسجد بالنسبة لمن أكل الثوم و البصل يعمّ كل المساجد وليس مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقط (فلا يقربن مسجدنا). ومثلما تصان المساجد من الروائح الكريهة ومن كل أنواع الأذى فإنها تصان من البيع والشراء وكل ما يشغل عن العبادة وقد دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم على من كان ينشد جمله فقال (لا وجدت إنما بنيت المساجد لما بنيت له) وقد بين رسول الله صلى الله عليه وسلم ما جعلت له المساجد فقال عليه الصلاة والسلام (إن هذه المساجد لا يصلح فيها شيء من كلام الناس إنما هو التسبيح والتكبير وقراءة القرآن) قال القرطبي وهذا يدل أن الأصل ألا يعمل في المسجد غير الصلوات والأذكار وقراءة القرآن، وسمع عمر بن الخطاب رضي الله عنه صوت رجل في المسجد فقال: ما هذا الصوت! أتدري أين أنت!! وكان خلف بن أيوب جالسا في مسجده فأتاه غلامه يسأله عن شيء فقام وخرج من المسجد وأجابه فقيل له في ذلك فقال: ما تكلمت في المسجد بكلام الدنيا منذ كذا وكذا فكرهت أن أتكلم اليوم. وقد روى الترمذي حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي ينهى عن تناشد الأشعار في المسجد وعن البيع والشراء فيه وان يتحلق الناس يوم الجمعة قبل الصلاة. قال القرطبي (وكره بعض أصحابنا تعليم الصبيان في المساجد ورأى انه من باب البيع وهذا إذا كان باجرة، ولو كان بغير أجرة لأنه أيضا من وجه آخر وهو أن الصبيان لا يتحرزون عن الأقذار والوسخ فيؤدي ذلك إلى عدم تنظيف المساجد وقد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بتنظيفها وتطييبها فقال (جنبوا مساجدكم صبيانكم ومجانينكم وسل سيوفكم وإقامة حدودكم ورفع أصواتكم وخصوماتكم وأجمروها في الجمع واجعلوا على أبوابها المطاهر) انظر الصفحة 270 من الجزء 12 من الجامع لأحكام القرآن. وقد ذهب العلماء إلى عدم جواز تناشد الأشعار على مذهب بعض العلماء في حين رأى جواز ذلك البعض الآخر مما دفع بالقرطبي إلى القول (والأولى التفصيل وهو أن ينظر إلى الشعر فإن كان مما يقتضي الثناء على الله عز وجل أو على رسوله صلى الله عليه وسلم أو الذب عنهما كما كان شعر حسان بن ثابت أو يتضمن الحض على الخير والوعظ والزهد في الدنيا والتقلل منها فهو حسن في المساجد وغيرها... وما لم يكن كذلك لم يجز، لأن الشعر في الغالب لا يخلو من الفواحش والكذب والتزين بالباطل ولو سلم من ذلك فاقل ما فيه اللغو والهذر والمساجد منزهة عن ذلك لقوله تعالى (في بيوت أذن الله أن ترفع) انظر الصفحة 271. أما رفع الصوت فقد صحّ في الحديث (من سمع رجلا ينشد ضالته في المسجد فليقل لا ردها الله عليك فغن المساجد لم تبن لهذا) وقد ذهب مالك إلى عدم جواز رفع الصوت حتى بالعلم في المساجد ولا يجوز النوم في المسجد للرجل أو المرأة إلا لمن ليس له بيت. ووردت أحاديث عديدة في أدب دخول المسجد وما ينبغي أن يقوله ويفعله الداخل للمسجد روى مسلم عن أبي أسيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إذا دخل أحدكم المسجد فليقل اللهم افتح لي أبواب رحمتك وإذا خرج فليقل: اللهم إني أسألك من فضلك) وفي حديث آخر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إذا دخل أحدكم المسجد فليسلم ويصل على النبي صلى الله عليه وسلم ثم ليقل اللهم افتح لي). وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل المسجد قال (باسم الله والسلام على رسول الله اللهم اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب رحمتك وفضلك). وكان صلى الله عليه وسلم يقول أيضا (أعوذ بالله العظيم وبوجهه الكريم وسلطانه القديم من الشيطان الرجيم). وهي كما ترى أيها القارئ أذكار جامعة للخير مقربة إلى الله عاصمة من الشر والأشرار وشياطين الإنس والجان. * ومن آداب المسجد وأحكامه أن يبادر الداخل بأداء تحية المسجد وهي صلاة ركعتين إذا كان الدخول في وقت لا تكره فيه الصلاة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إذا دخل أحدكم المسجد فليركع ركعتين قبل أن يجلس). وقال عليه الصلاة والسلام (إذا دخل أحدكم فلا يجلس حتى يركع ركعتين) قال القرطبي (قال العلماء فجعل صلى الله عليه وسلم للمسجد مزية يتميز بها عن سائر البيوت وهو ألا يجلس حتى يركع وعامة العلماء أن الأمر بالركوع على الندب والترغيب، وقد ذهب داود وأصحابه إلى أن ذلك على الوجوب وهذا باطل ولو كلن الأمر على ما قالوه كراهة دخول المسجد على المحدث الحدث الأصغر حتى يتوضأ ولا قائل به فيما اعلم والله اعلم) انظر الصفحة 274 من الجزء 12. ومن رفع بيوت الله تنوير بيوت الله فقد دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم لتميم الداري الذي نور المسجد فقال له (نورت الإسلام نور الله عليك في الدنيا والآخرة أما لو كانت لي ابنة لزوجتكها). وروى انس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (من أسرج في مسجد سراجا لم تزل الملائكة وحملة العرش يصلون عليه ويستغفرون له ما دام ذلك الضوء وإن كنس غبار المسجد نقد الحور العين). قال القرطبي (ويستحب أن ينور البيت الذي يقرأ فيه القرآن بتعليق القناديل ونصب الشموع فيه ويزاد في شهر رمضان في أنوار المساجد) انظر الصفحة 275 من الجزء 12 من تفسير القرطبي. * قوله تعالى (يسبح له فيها بالغدو والآصال رجال...) قال القرطبي: اختلف العلماء في وصف الله تعالى المسبحين هم المراقبون أمر الله، الطالبون رضاءه، الذين لا يشغلهم عن الصلاة وذكر الله شيء من أمور الدنيا وقال كثير من الصحابة نزلت هذه الآية في أهل الأسواق الذين إذا سمعوا النداء إلى الصلاة تركوا كل شغل وبادروا، ورأى سالم بن عبد الله أهل الأسواق وهم مقبلون إلى الصلاة فقال هؤلاء الذين أراد الله بقوله (لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله) انظر الصفحة 275 من الجزء 12. قوله تعالى (يسبح له فيها) قال القرطبي معناها يصلي قال ابن عباس كل تسبيح في القرآن صلاة ويدل عليه قوله (بالغدو والآصال) أي الغداة والعشي وقال أكثر المفسرين: أراد الصلاة المفروضة فالغدو هو صلاة الصبح، والآصال صلاة الظهر والعصر والعشاءين لأن اسم الآصال يجمعها. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من أسرج في مسجد سراجا لم تزل الملائكة وحملة العرش يصلون عليه ويستغفرون له ما دام ذلك الضوء فيه وان كنس غبار المسجد نقد الحور العين) وقال العلماء: ويستحب أن ينور البيت الذي يقرا فيه القرآن بتعليق القناديل ونصب الشموع فيه ويزاد في شهر رمضان في أنوار المساجد. ولا يخفى ما في هذه النصوص من التشجيع للمسلمين والدفع بهم من اجل إن يبذلوا من أموالهم في سبيل بناء بيوت الله وعمارتها وفعل كل ما من شأنه أن يجعلها جميلة طيبة لا ينقصها أي شيء فمن يفعل هذا في أي مسجد وفي أي مكان وفي أي زمان والى قيام الساعة مخلصا في عمله لوجه الله لا يريد من وراء ذلك جزاء ولا شكورا فان له مثل اجر تميم الداري رضي الله عنه، إذ لا موجب لتقييد الأجر عليه وحصره فيه فرحمة الله واسعة والغاية واحدة وهي عمارة بيوت الله وتعظيم شعائر الله وذلك لعمري من أفضل أبواب البر فهنيئا لمن يوفقهم الله إلى مثل هذا العمل الصالح، والحمد لله إنهم كثيرون في بلاد الإسلام وخارج بلاد الإسلام يضربون أروع الأمثلة في البذل والعطاء بكرم وسخاء لوجه الله وتحصيلا للأجر والثواب من عند من لا يضيع اجر المحسنين وقد قال الله في كتابه العزيز (إن الله لا يضيع أجر من أحسن عملا). * قوله تعالى (يسبح له فيها بالغدو والآصال) أي يسبح في المساجد بأداء الصلوات والتسبيح والذكر وانتظار أداء الفرائض رجال لا باس من إيراد ما ورد في حقهم من أحاديث من ذلك ما رواه أبو داود عن أبي إمامة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (من خرج من بيته متطهرا إلى صلاة مكتوبة فأجره كأجر الحاج المحرم ومن خرج إلى تسبيح الضحى لا ينصبه إلا إياه فأجره كأجر المعتمر وصلاة على اثر صلاة لا لغو بينهما كتاب في عليين). وخرّج أبو داود عن بريدة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال (بشر المشائين في الظلم إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة). وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال (من غدا إلى المسجد أو راح اعد الله له نزلا في الجنة كلما غدا أو راح). وخرج الثعلبي من حديث أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من تطهر في بيته ثم مشى إلى بيت من بيوت الله ليقضي فريضة من فرائض الله كانت خطوتاه إحداهما تحط خطيئة والأخرى ترفع درجة). وعن حكيم بن عمير صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، (كونوا في الدنيا أضيافا واتخذوا المساجد بيوتا وعودوا قلوبكم الرقة وأكثروا التفكير والبكاء ولا تختلف بكم الأهواء تبنون ما لا تسكنون وتجمعون ما لا تأكلون وتؤملون ما لا تدركون). وقال أبو الدرداء لابنه: ليكن المسجد بيتك فاني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن المساجد بيوت المتقين ومن كانت المساجد بيته ضمن الله له الروح والراحة والجواز على الصراط). وكتب أبو صادق الأزدى إلى شعيب بن الحبحاب: إن عليك بالمساجد فألزمها فإنه بلغني أنها كانت مجالس الأنبياء). وقال أبو إدريس الخولاني: المساجد مجالس كرام الناس. وقال مالك بن دينار: بلغني أن الله تبارك وتعالى يقول: إني أهم بعذاب عبادي فانظر إلى عمار المساجد وجلساء القرآن وولدان الإسلام فيسكن غضبي). وروي عنه عليه السلام انه قال (سيكون في آخر الزمان رجال يأتون المساجد فيقعدون فيها حلقا حلقا ذكرهم الدنيا وحبها فلا تجالسوهم فليس لله بهم حاجة). وقال ابن المسيب: من جلس في مسجد فإنما يجالس ربه فما حقه أن يقول إلا خيرا. وقد جمع بعض العلماء في تعظيم المساجد خمس عشرة خصلة فقال: من حرمة المسجد أن يسلم وقت الدخول إن كان القوم جلوسا وان لم يكن في المسجد أحد قال: السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين وان يركع ركعتين قبل أن يجلس وان لا يشتري فيه ولا يبيع ولا يسل فيه سهما ولا سيفا ولا يطلب فيه ضالة ولا يرفع فيه صوتا بغير ذكر الله ولا يتكلم فيه بأحاديث الدنيا ولا يتخطى رقاب الناس ولا ينازع في المكان ولا يضيق على احد في الصف ولا يمر بين يدي مصل ولا يبصق ولا يتنحم ولا يتمخط وفيه ولا يفرقع أصابعه ولا يعبث بشيء من جسده وان ينزه عن النجاسات والصبيان والمجانين وإقامة الحدود وكان المسجد حرزا له وحصنا من الشيطان الرجيم) وفي الخبر أن مسجدا ارتفع بأهله إلى السماء يشكوهم إلى الله لما يتحدثون فيه من أحاديث الدنيا. وروى الدار قطنى عن عامر الشعبي قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من اقتراب الساعة أن يرى الهلال قبلا (أي يرى ساعة ما يطلع لعظمة وضوحه من غير إن يتطلب) فيقال لليلتين وان تتخذ المساجد طرقا وان يظهر موت الفجأة. وفي البخاري عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم قال (من مر في شيء من مساجدنا أو أسواقنا بنبل فليأخذ على نصالها لا يعقر بكفه مسلما). وخرّج مسلم عن انس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (البزاق في المسجد خطيئة وكفارتها دفنها) وعن أبي ذر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: عرضت عليّ أعمال أمتي حسنها وسيئها فوجدت في محاسن أعمالها الأذى يماط عن الطريق ووجدت في مساوئ أعمالها النحامة تكون في المساجد لا تدفن). قوله تعالى (رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله) خصّ التجارة بالذكر لأنها أعظم ما يشتغل بها الإنسان عن الصلاة (عن ذكر الله) يعني حضور الصلاة وقال ابن عباس المكتوبة وقيل عن الآذان (وإقام الصلاة) وهذا يدل كما قال القرطبي (عن ذكر الله) السابقة هي غير الصلاة (وإيتاء الزكاة) المفروضة وقال ابن عباس هي هنا طاعة الله تعالى والإخلاص (يخافون يوما) يعني يوم القيامة (تنقلب فيه القلوب والأبصار) من شدة هوله (ليجزيهم الله أحسن ما عملوا) وفيه اقتصار على الترغيب وإلا فان الناس يجازون عن الحسنات ويعاقبون عن السيآت (ويزيدهم من فضله) وذلك بمضاعفة الحسنات وما يتفضل به عليهم ربهم (والله يرزق بغير حساب) نعم فلا نهاية لعطائه الجزيل.تلك أيها القارئ المعاني الواردة في هذه الآيات البينات من سورة النور أوردت ما جاء منها في تفسير الجامع لأحكام القرآن للقرطبي فقد جمع رحمه الله من الأحاديث والآثار ما يرغب المسلم في عمارة بيوت الله وما يحذره من النيل منها وتعريضها لما لم ترفع من اجله وهو ذكر الله من صلاة وتلاوة للقرآن وذكر ودعاء وصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم. نسال الله تبارك وتعالى أن يجعلنا من الذين يعمرون بيوت الله بالطاعات الخالصة لوجهه الكريم انه سبحانه وتعالى سميع مجيب.



الكلمات الشائعة

 

الأستاذ محمد صلاح الدين المستاوي

خريج جامعة الزيتونة كلية الشريعة قسم الفقه وأصول الفقه : الليسانس وشهادة الدراسات المعمقة في موضوع : شروح الموطأ باحث بجامعة أكسان برفانس مرسيليا فرنسا من 2001-2002 إلى 2008-2009

الكلمات الشائعة

العنوان

28 نهج جمال عبد الناصر –تونس
+216 71 43 21 33
+216 71 32 71 30

الاسلام: حقائق وأعلام ومعالم

موقع الشيخ محمد صلاح الدين المستاوي عضو المجلس الإسلامي بتونس وخريج جامعة الزيتونة (كلية الشريعة وأصول الدين) يتضمن تعريفا بالشيخ والده الحبيب المستاوي رحمه الله وهو احد علماء الزيتونة ودعاة الإسلام حيث سيجد المتصفح لهذا الموقع فقرات من أعماله.