فضائية مالكية لتكريس خصوصية الغرب الإسلامي

فضائية مالكية لتكريس خصوصية الغرب الإسلامي


أعلن أخيرا في الجزائر عن قرب انطلاق بث قناة فضائية دينية مالكية وذلك للحفاظ على ما ظل لقرون طويلة من وحدة دينية وعقدية ومذهبية ليس فقط لأبناء الجزائر بل لكل سكان الشمال الإفريقي من طرابلس شرقا مرورا بتونس والجزائر والمغرب وموريتانيا إلى بلدان غربي إفريقيا وجنوب الصحراء. لقد تلقى هذا الجناح من الغرب الإسلامي إسلام أهل السنة والجماعة على مذهب إمام دار الهجرة مالك بن انس وقامت من اجل تركيز هذه الوحدة الدينية والعقدية والمذهبية قلاع “عتيدة” في الحواضر الكبرى في القيروان وتونس وبجاية وتلمسان وفاس ومكناس ومراكش وشنقيط تخرج منها العلماء الأفذاذ الذين امتد سندهم إلى سنوات قريبة فكانوا بحق حماة للعقيدة ودعاة للدين الحنيف ومراجع علمية وجدت فيهم شعوب الشمال الإفريقي الملاذ الآمن والمطمئن الذي ينفي عن الدين كل زيف وزيغ واختلاف وتشرذم، ولم يشعر أبناء الغرب الإسلامي بأهمية هذه الخصوصية التي قل وجودها على امتداد دار الإسلام إلا عندما تهددتها في السنوات الأخيرة اختراقات لم تلبث أن برزت على السطح فإذا بالدين الذي ظل واحدا لا اختلاف فيه وحوله وهو الإسلام يعلن بعض أبناء هذه الربوع عن اعتناقهم لأديان أخرى روجت لها من داخل دار الغرب الإسلامي بعثات تبشيرية استطاعت أن تجلب إلى صفوفها أعدادا هامة ممن ينحدرون من آباء وأجداد مسلمين! استغلال الفراغ الديني: وإذا كان عدد غير المسلمين من أبناء الشمال الإفريقي ظل والحمد لله اقل من القليل رغم المغريات وضراوة الحملات فإن عدد من غيروا المعتقد السني والمذهب المالكي لم يلبث أن تزايد وتكاثر على مر الأيام وذلك لأسباب عديدة أهمها تراجع دور الهيئات العلمية العريقة وتقليص وتحجيم البعض منها مما نتج عنه فراغ (والطبيعة تأبى الفراغ) سعت الأجيال الجديدة بالخصوص لملأه بكل الوسائل والوسائط فأقبلت بلهفة نحو المعروض عليها وهو كثير وتقف وراءه هيئات وجهات تنفق الأموال الطائلة من اجل نشر عقائدها ومذاهبها وكان يمكن لهذه الجهود الكبيرة والأموال الطائلة أن توجه صوب التعريف بالإسلام وحقائقه ونفي الشبه والافتراءات عنه وهو عمل لو وقع القيام به لاستفادت منه الأمة جمعاء!! في غفلة وعدم تقدير لمخاطر ونتائج مثل هذا الارتماء في أحضان العقائد والمذاهب تكاثرت الأعداد فأصبحت أفواجا وإذا بالأمر ظاهرة صحبها التشنج والتعصب الذي أدى في الأسرة الواحدة والحي الواحد والقرية الواحدة إلى بوادر تشرذم طائفي هو ولا شك مقدمة لتنازع مقيت سيجعل من الدين الذي ظل داعما للصفوف وعامل توحد وانسجام ينقلب إلى مصدر اختلاف ونزاع!! والقارئ في غنى عن التذكير بما تناقلته وكالات الأنباء والفضائيات والإذاعات والمجلات والصحف من أحداث وتصرفات كان فيها أبناء هذا الجناح من العالم الإسلامي في مواقع القيادة والتنظير وكانوا الرموز البارزة في ما سمي بالجماعات المتطرفة والإرهابية المستندة إلى الدين والمنطلقة منه حسب دعاويها غير المستندة على برهان أو دليل على الأقل من الموروث في الشمال الإفريقي. تشرذم وتخبط: وأدنى واقرب الاختلاف الديني إلينا ما نلاحظه في المساجد والجوامع وما له صلة بالمجال الديني، انه اختلاف في المظهر حيث يبدو فيه الغريب على المعتاد والمتعارف في تركيز على ما اعتبر من طرف العلماء الأعلام من السنن والعادات والأعراف، وفي هيئات تجعل من الفضاءات التي تقام فيها الشعائر تصبح أشبه ما يكون بالفسيفساء التي تفتقر لأدنى مقومات الجمال: فهذا يسدل وذلك يقبض، وهذا يبسمل وذلك يجهر عاليا بالتأمين، والآخر يستريح قبل الرفع من السجود إلى القيام وحدث ولا حرج عن تخطي الرقاب وتعمد التنفل والإمام يخطب يوم الجمعة وإقامة الجماعات المتكررة في المسجد ذي الإمام الراتب وإفتاء الناس بعدم جواز قضاء لفوائت وعدم جواز المعقبات وقراءة القرآن جماعة وغير ذلك وغير ذلك مما تبلغ الجميع أصداؤه من الغرائب والعجائب مما وصل إلى حد استباحة الأعراض والدماء بتكفير وتفسيق ما انزل الله بهما من سلطان. وكل هذه المسائل التي ذكرتها وغيرها القول فيها مفصل في أمهات كتب الفقه على مختلف المذاهب مما يعلمه أهل الذكر ويعرفون مضانه ويستوعبون أدلته وحججه الأمر الذي لا يعرفه هؤلاء المجددون!! وما هم بمجددين إذ لا هم لهم إلا الخروج على المعتاد والمتعارف، لكأن الناس في هذه الربوع قبل أن يظهر هؤلاء كانوا في ضلال وظلام والحال انه والحمد لله والى عهد قريب كان بيننا علماء أعلام تشفي أجوبتهم وأفهامهم العميقة للدين الحنيف الغليل وتنفي الدخيل. في ظل هذه الربوع المحتاجة إلى التقويم والتصويب العاجل بدأت تبرز هنا وهناك وفي كل بلدان الشمال الإفريقي مبادرات من أجل تلافي المحظور والحفاظ على المكاسب – والوحدة الدينية والعقدية والمذهبية مكسب من أعظم المكاسب إن لم نقل انه وراء كل المكاسب – وبدأت تبرز هنا وهناك هذه المبادرات في شكل ندوات ووحدات بحث ومراكز دراسات وتمثلت في بعض الإصدارات الفردية والجماعية وفي شكل مجلات ودوريات وهاهي تتقدم خطى أخرى في إطار المواكبة للتطور الحاصل في وسائل الاتصال والإعلام والمعلومات فأحدثت الإذاعات والفضائيات الدينية المكرسة لخصوصية الشمال الإفريقي وهاهي تتعزز بالقناة الفضائية المالكية أي التي ستبين لمشاهديها مبادئ دينهم الحنيف: في العقيدة والعبادة والمعاملة على مذهب الإمام مالك أي بما ظل سائدا ومنتشرا بين الناس في كل أرجاء الغرب الإسلامي والذي حرر مسائله علماء أعلام هم أسد ابن الفرات وسحنون وابن أبي زيد القيرواني وعياض وابن العربي والقرطبي وابن جزي والونشريسي وابن عاشر وابن عرفة وانتهاء بابن عاشور وجعيط والنيفر وعلماء تونس والقيروان وفاس ومراكش ومكناس وبجاية وتلمسان وشنقيط وحتى تنمبكتو زاد علمي غزير وثري اتسم بالسماحة والمرونة والواقعية والتنوير هو خير ما ينطلق منه ويعتمد عليه في المحافظة على خصوصية إسلام أهل الغرب الإسلامي.



الكلمات الشائعة

 

الأستاذ محمد صلاح الدين المستاوي

خريج جامعة الزيتونة كلية الشريعة قسم الفقه وأصول الفقه : الليسانس وشهادة الدراسات المعمقة في موضوع : شروح الموطأ باحث بجامعة أكسان برفانس مرسيليا فرنسا من 2001-2002 إلى 2008-2009

الكلمات الشائعة

العنوان

28 نهج جمال عبد الناصر –تونس
+216 71 43 21 33
+216 71 32 71 30

الاسلام: حقائق وأعلام ومعالم

موقع الشيخ محمد صلاح الدين المستاوي عضو المجلس الإسلامي بتونس وخريج جامعة الزيتونة (كلية الشريعة وأصول الدين) يتضمن تعريفا بالشيخ والده الحبيب المستاوي رحمه الله وهو احد علماء الزيتونة ودعاة الإسلام حيث سيجد المتصفح لهذا الموقع فقرات من أعماله.