عناية أهل تونس بالقرآن الكريم قديما وحديثا

عناية أهل تونس بالقرآن الكريم قديما وحديثا


الإسلام في تونس له خصوصيات ومميزات، انه إسلام الأصالة والتفتح، إسلام الواقعية والاعتدال، إسلام الاجتهاد والتسامح. وهذه الخصوصيات والمميزات لم تزدها الأيام والسنون إلا ثباتا ورسوخا، إن إسلام أهل تونس أو كما كانت تسمى افريقية يمتد في تجذره إلى القرن الأول للهجرة. فقد جاء به إلى هذه الربوع الصحابة الأبرار وتلقاه عنهم صافيا خاليا من الشوائب أهل تونس وقامت بترسيخه في أذهانهم وتصرفاتهم مؤسسة دينية عتيدة ممثلة في علماء أعلام أمثال أسد بن الفرات وسحنون وابن أبي زيد وابن عرفة وابن خلدون وصولا إلى ابني عاشور رحمهم الله وأجزل مثوبتهم. إن إسلام التونسيين لا يمكن المزايدة على تجذره وأصالته وسماحته وواقعيته من طرف أي كان مهما ادعى ورفع من الشعارات الخلابة، وأصول الإسلام من كتاب عزيز: القرآن الكريم وسنة وسيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم كانا ولا يزالان في هذه الربوع المباركة محل عناية ورعاية ومحل اعتزاز وتمسك كل أبناء وبنات تونس يبذلون الغالي والنفيس في سبيل أن يظلا (القرآن الكريم والسنة النبوية الطاهرة) يحتلان المنزلة الرفيعة والمكانة العالية ويسكنان من القلوب السويداء، لا يبتغي التونسيون والتونسيات من وراء ذلك جزاء ولا شكورا، انه الإخلاص لله وحده الذي إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه. لقد تظافرت الجهود وتكاملت الأدوار وانخرط أهل تونس بكل فئاتهم في خدمة كتاب الله العزيز: حفظا ورسما وترتيلا وتلقينا وتفسيرا وامتد سمط أهل القرآن الذين هم (أهل الله وخاصته) في كل مدن وقرى ومداشر البلاد التونسية حتى لا تكاد تخلو عائلة من العائلات من حافظ ماهر بالقرآن. وتزخر المكتبات الخاصة والعامة بعشرات المخطوطات القرآنية في كل العلوم ذات الصلة القريبة أو البعيدة بالقرآن الكريم. ولا تزال دور النشر ومراكز البحث تتحف القراء بدرر وجواهر قرآنية خطتها أقلام تونسية ويكفي في هذا المقام أن نذكر بتلك المعلمة القرآنية المتمثلة في تفسير التحرير والتنوير لسماحة الشيخ الإمام محمد الطاهر ابن عاشور رحمه الله، الذي لم يؤلف مثله في العصر الحديث والذي لا تزال تعد حوله الأطروحات وتعقد لتدارسه الندوات والملتقيات والذي بناه سماحته على مقاصد حاز فيها قصب السبق وكان فيها الإمام بلا منازع، هذه المقاصد التي تجعل من القارئ للنص القرآني لا يقف عند ويل للمصلين ولا يكتفي بظاهر النص بل ينفذ إلى أعماق أعماقه في رؤية متبصرة تنير ولا تثير، وتجمع ولا تفرق، تجعل من الدين سبيلا لتحقيق مرضاة الله ومنهجا للسعادة في هذه الحياة الدنيا وفي الآخرة. ومع التحرير والتنوير يمكن أن نذكر تنبيه الغافلين للشيخ علي النوري الصفاقسي وروح التحرر في القرآن الكريم للشيخ عبد العزيز الثعالبي كما يمكن أن نذكر تلك الترجمات المتميزة لمعلني القرآن الكريم باللغة الفرنسية التي أعدها تونسيون (الصادق مازيغ وصلاح الدين كشريد ونور الدين بن محمود) والتي تعد من أفضل الترجمات وأكثرها انتشارا ومن أشدها وفاء للنص القرآني بلسانه العربي المبين. ليس هذا فقط هو عطاء تونس القرآني انه أكثر من ذلك بكثير عطاء متصل السند لم ينقطع ولن ينقطع بإذن الله انه يتمثل في تلك السلسلة الذهبية من رجالات القرآن البررة من أمثال الشيخ عبد العزيز الباوندي والشيخ عبد الواحد المارغني والشيخ محمد الكلبوصي رحمهم الله وصولا إلى الشيخ البركة الشيخ محمد الخطوي والشيخ محمد الدلاعي حفظهما الله وأمد في أنفاسهما ولا تزال حلقة (الدولة القرآنية) في جامع الزيتونة المعمور وسلكات القرآن المتتابعة في المقام المغارة الشاذلية كما لا تزال الزاوية القادرية بتوزر وزاوية سيدي احمد التليلي بفريانة وزاوية نويل بقبلي والمدرسة القرآنية عمر بن الخطاب بسكرة ولا تزال كل هذه المعالم القرآنية تعج بحفاظ القرآن الكريم من كل الفئات الذين يجدون هم والقائمون عليها كل عناية ورعاية تجعل العطاء القرآني للبلاد التونسية يتواصل إشعاعه المبارك ويمتد عطاؤه.



الكلمات الشائعة

 

الأستاذ محمد صلاح الدين المستاوي

خريج جامعة الزيتونة كلية الشريعة قسم الفقه وأصول الفقه : الليسانس وشهادة الدراسات المعمقة في موضوع : شروح الموطأ باحث بجامعة أكسان برفانس مرسيليا فرنسا من 2001-2002 إلى 2008-2009

الكلمات الشائعة

العنوان

28 نهج جمال عبد الناصر –تونس
+216 71 43 21 33
+216 71 32 71 30

الاسلام: حقائق وأعلام ومعالم

موقع الشيخ محمد صلاح الدين المستاوي عضو المجلس الإسلامي بتونس وخريج جامعة الزيتونة (كلية الشريعة وأصول الدين) يتضمن تعريفا بالشيخ والده الحبيب المستاوي رحمه الله وهو احد علماء الزيتونة ودعاة الإسلام حيث سيجد المتصفح لهذا الموقع فقرات من أعماله.