شارل أندري جيليسCharles-André Gilis شاهد غربي على روحانية الإسلام القوية

شارل أندري جيليسCharles-André Gilis شاهد غربي على روحانية الإسلام القوية


يتردد على تونس منذ أوائل السبعينات من القرن الماضي عدد من المسلمين الأوروبيين (الفرنسيين وغيرهم) وذلك للحضور والمشاركة في ما يدور بالمقام والمغارة الشاذلية. وكان يشرف على تنظيم هذه الرحلات الروحية الأستاذ ميشال فالسان (مصطفى عبد العزيز) الذي هو شيخ ومرب لهذه المجموعة المتكونة من اسر عديدة تأتي بكل أفرادها وتحيي هذا الموسم بانضباط وروحانية ملحوظة يراها كل من يرتاد المقام والمغارة. ومرت عقود وسنوات على البعض من هؤلاء لا يغيبون عن تونس ومن هؤلاء الأستاذ شارل أندري جيليس Charles-André Gilis (عبد الرزاق يحي) فمنذ خمس وثلاثين سنة والرجل لا يغيب عن المقام الشاذلي فقد قضى في احدى السنوات الموسم كله من أول أسبوع إلى آخر أسبوع، وهو في بقية السنوات إما يشهد افتتاح الموسم أو اختتامه أو هما معا. وقد جاء لأول مرة سنة 1970 صحبة شيخه وشيخ الشاذلية في فرنسا الأستاذ مصطفى عبد العزيز رحمه الله حيث ظل ملازما له إلى آخر حياته كما ظل بعد ذلك ملتزما بتوجيهاته وإرشاداته ومواصلا لرسالته يقول شارل أندري جيليسCharles-André Gilis انه بدأ على يدي الأستاذ مصطفى فلسان رحمه الله محاولاته الأولى في الكتابة حيث كان يصلح له أعماله ويقومها ويأمره بإعادة الصياغة المرة تلو الأخرى وهكذا انطلق شارل أندري جيليسCharles-André Gilis في القيام بعمل علمي وروحي يعتبره مواصلة لرسالة مصطفى عبد العزيز (ميشال فلسان) ورسالة عبد الواحد يحي (رني قنون) والتي تمثل مدرسة تمتد جذورها لتصل إلى الإمام أبي الحسن الشاذلي والمولى عبد السلام بن مشيش والشيخ الأكبر محيي الدين بن عربي قدس الله روحيهما. ان شارل أندري جيليس Charles-André Gilis(عبد الرزاق يحيي) البلجيكي الأصل والكاثوليكي المولد والذي تخرج بالدكتوراه في القانون من إحدى الجامعات الأوروبية العريقة متفرغ لمواصلة التعريف بالمضامين الروحية لهذه المدرسة وذلك من خلال مؤلفات عديدة ومن خلال ممارسة عملية لحياة روحية تنطلق من الالتزام الفعلي بشعائر الدين: أركانا ونوافل وأذكارا وتأملات عميقة متفتحة على كل التجارب الروحية سواء كانت في الإسلام أو في الأديان السماوية والثقافات الشرقية ذات الثراء الكبير في عالم الروحانيات، ان شارل أندري جيليس Charles-André Gilis قارئ نهم لتآليف الشيخ الأكبر محيي الدين ابن عربي حيث يعتبر ان المستوعب لأفكاره بحق هو الفيلسوف الفرنسي رني قنون (عبد الواحد يحي) والذي قضى بقية حياته يؤلف ويحلل ويعيش تجربة روحية بجوار الأزهر الشريف في القاهرة بمصر. يقول شارل أندري جيليس Charles-André Gilis انه يواصل العمل الذي قام به الأستاذ مصطفى عبد العزيز (ميشال فلسان) والمتمثل في بيان الوحدة والاتحاد القائمة بين الشيخ الأكبر محي الدين بن عربي ورني قنون. فالمرور بقنون للاتصال بالشيخ الأكبر يعتبره جيليس لازما ولا بد منه. وتمثلت أعمال جيليس في هذا المجال في ترجمة وتحقيق ودراسة مجموعة كبيرة من آثار الشيخ الأكبر حيث عرف بمضامينها وعلق عليها وشرحها للقارئ الذي هو قارئ من نوع خاص انه قارئ مهتم بعالم الروح بإشراقاته وتجلياته ومقاماته ودرجاته، والرمز في هذا العالم حاضر بارز وهو رمز قد لا يرقى إلى فهمه عموم الناس. وقد صدرت للأستاذ شارل أندري جيليس Charles-André Gilis سلسلة “الموروث الروحي” Héritage spirituel والتي تصدر عن دار البراق بباريس والتي نشر منها إلى موفى سنة 2003 أكثر من خمس وثلاثين عنوانا للأستاذ جيليس فيها ثمانية كتب اغلبها ترجمات وقراءات وتعليقات على فصول من كتب ورسائل الشيخ الأكبر محيي الدين بن عربي “الفتوحات المكية، وفصوص الحكم وغيرهما”. وهذا الاهتمام الكبير في الغرب بمؤلفات ابن عربي ملفت للانتباه حيث تجد في كل العواصم والهيآت العلمية والجامعية بأروبا وأمريكا المهتمين والمشتغلين بأعمال ابن عربي من أجيال متعددة ومن هؤلاء من قضى أكثر من خمسين سنة منكبا على آثار ابن عربي وعالمه الرحب الفسيح والمليء بالتجارب مثل (علي شودكيفيتش) مؤلف كتاب : الولاية والنبوة عند الشيخ الأكبر محيي الدين ابن عربي والذي ترجمه من الفرنسية وقدم له الدكتور احمد الطيب رئيس جامعة الأزهر حاليا ومفتي مصر السابق. ان كتب الأستاذ شارل أندري جيليس Charles-André Gilis تقارب العشرين تغلب عليها البلورة والتقديم والشرح لما اصطلح عليه بالنظرية الأكبرية (نسبة للشيخ الأكبر محيي الدين بن عربي) وقد جاء البعض منه تحت عناوين مثل (صلاة يوم الجمعة) هكذا كما ورد في الآية (إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة)، صلاة الجنازة، نظرية الجن كل ذلك بالاستناد والعودة إلى أعمال الشيخ الأكبر بالخصوص في موسوعته الكبرى: “الفتوحات المكية” وكتابه الهام جدا: “فصوص الحكم”. وفي كل ما يكتبه شارل أندري جيليس Charles-André Gilis (عبد الرزاق يحي) عن أركان الإسلام يحرص على تقديم الرؤية الأكبرية والتي هي متأتية من الكتاب والسنة وقد قام بترجمة : كتاب “فصوص الحكم” وهو عمل استغرق منه خمس سنوات عاد فيها إلى مخطوطات الفصوص وكل الشروح المتوفرة المشهورة والمعروفة وهو لم يدل برأيه إلا بعد ان اطلع على مضامين هذه الشروح. وللأستاذ شارل أندري جيليس Charles-André Gilis مؤلفات أخرى عديدة آخرها كتاب: “intégrité islamique ni intégrisme ni intégration” وهو في هذا الكتاب ينطلق من مفاهيم قرآنية تؤكد على وحدة الرسالات والرسل عليهم السلام (لا نفرق بين احد من رسله) وهو يقرأ “ومهيمنا” بمعنى اشتمال الإسلام على جوهر الرسالات السماوية فلا يمكن إلغاء الأديان السابقة إلا بمعنى تضمن الإسلام لكل هذه الأديان، وهذه النظرة البعيدة المدى العميقة الأغوار هي التي دعا إليها رني قنون والتي لا يوجد الجواب عليها إلا عند الشيخ الأكبر محيي الدين بن عربي صاحب المقولة المشهورة “أدين بدين الحب” ولا يزال عطاء الأستاذ شارل أندري جيليس Charles-André Gilis في هذا المجال الروحي الرحب والعميق متواصلا من خلال خطة واضحة المعالم على الأقل في ذهنه وتصوره والتي لا تزال تجد صداها من خلال انتشار مؤلفاته ورواجها والذي يتجلى في إعادة طبع ما صدر منها وترجماتها إلى اللغات الأوروبية أو من خلال مشاريعه العلمية الآتية والتي هي في نفس الخط والنهج المتمثل في النهل من العالم الروحي للإمام الشاذلي من خلال أحزابه وأذكاره وتسابيحه وضراعاته وتجلياته. وعبر المكان من خلال المغارة والمقام اللذين لا يزالان عامرين والى ما شاء الله بما يدور فيهما من عمل شاذلي مرتب ترتيبا بديعا لا نجد له نظيرا في أي مكان آخر حيث تحف الزائر للمغارة والمقام سكينة وروحانية لا ينكرها إلا جحود (ومن لم يعش لم يعرف) فجاذبية المغارة والمقام تشد إليها أهل الأحوال والأذواق وأصحاب المقامات الروحية الذين منهم الشيخ مصطفى عبد العزيز رحمه الله وأبناؤه وتلاميذه ومريدوه والذين منهم شارل أندري جيليس Charles-André Gilis هذا الزائر الدائم والمواظب كل عام على المغارة والمقام لا يغيب عنهما ولا يتخلف عن الحضور لما يدور فيهما وحولهما. كما تشد المغارة والمقام العشرات بل المئات فلكل واحد منهم: ذكرا أو أنثى، صغيرا أو كبيرا قصة عجيبة مع المقام والمغارة ليس لها من تفسير إلا الروحانية العظمى التي جعلها الله للمغارة وللمقام ولجبل الزلاج ومقبرته.



الكلمات الشائعة

 

الأستاذ محمد صلاح الدين المستاوي

خريج جامعة الزيتونة كلية الشريعة قسم الفقه وأصول الفقه : الليسانس وشهادة الدراسات المعمقة في موضوع : شروح الموطأ باحث بجامعة أكسان برفانس مرسيليا فرنسا من 2001-2002 إلى 2008-2009

الكلمات الشائعة

العنوان

28 نهج جمال عبد الناصر –تونس
+216 71 43 21 33
+216 71 32 71 30

الاسلام: حقائق وأعلام ومعالم

موقع الشيخ محمد صلاح الدين المستاوي عضو المجلس الإسلامي بتونس وخريج جامعة الزيتونة (كلية الشريعة وأصول الدين) يتضمن تعريفا بالشيخ والده الحبيب المستاوي رحمه الله وهو احد علماء الزيتونة ودعاة الإسلام حيث سيجد المتصفح لهذا الموقع فقرات من أعماله.