بارك الله في فريانة وأهل فريانة جزاء تفانيهم في خدمة القرآن وأهله

بارك الله في فريانة وأهل فريانة جزاء تفانيهم في خدمة القرآن وأهله


* في مدينة فريانة من ولاية القصرين معلم قرآني يحق لبلادنا أن تفتخر به إذ لا يزال على مر العقود الطويلة من السنوات يتخرج منه الحفاظ المهرة بالقرآن الكريم يحفظونه عن ظهر قلب بعد أن كانوا قد تفرغوا لذلك وقصدوا فريانة قادمين عليها من مختلف مدن وجهات البلاد لا غاية لهم ولا غاية لأسرهم إلا أن يظفروا بهذا الشرف الأثيل والأجر العظيم الذي بشرت به آيات الكتاب العزيز وأحاديث الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام القائل (خيركم من تعلم القرآن وعلمه). * في مدينة فريانة زاوية عريقة هي زاوية سيدي احمد تليل وأنا هنا لن أتطرق إلى تاريخ هذه الزاوية وأدوارها الاجتماعية والدينية والعلمية والوطنية فذلك ما انكب عليه باحثون ودارسون اعدوا فيه الأطروحات الجامعية التي نشر البعض منها في السنوات الأخيرة. اترك الحديث عن ذلك مراعاة للحساسية المفرطة والمبالغ فيها لدى البعض والتي تصل إلى درجة العداوة والإنكار كليا لأي دور ايجابي قامت به الزوايا، حديثي سيقتصر على رسالة قامت بها هذه الزاوية –وليست الوحيدة والحمد لله- ولا تزال تقوم بها هذه الرسالة هي تحفيظ القرآن للراغبين من ذوي الاستعدادات الفطرية وأقول فطرية لأن أمر القرآن وشانه يبدو فيه جليا الاصطفاء والاجتباء وكيف لا والقرآن هو في حد ذاته معجزة بل ومعجزة خالدة وإلا كيف نفسر هذا الحفظ له من كل تحريف وزيادة ونقصان لولا عهد الله السابق بحفظه والوارد به قوله جل من قائل (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون)؟ وكيف نفسر هذا العدد الكبير جدا على امتداد الزمان واتساع المكان لحفاظ القرآن الكريم، إن عددهم ليس بالعشرات ولا بالمئات ولا بالآلاف ولا بمئات الآلاف إنهم بالملايين؟ وهذا بدون مبالغة وفي بعض البلدان يصل عدد الحفاظ: ذكورا وإناثا إلى خمس عدد السكان ترى من وراء ذلك؟ وما وراء ذلك؟ إنها العناية الإلهية والتيسير الذي جعله الله في هذا النص الخالد (ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مُدّكر؟). * مدينة فريانة تؤوي زاوية هي معلم قرآني مبارك تخرج ويتخرج منه حفاظ القرآن الكريم الذين يتولون اليوم إمامة الصلوات الخمس في مساجد تونس وجوامعها في العاصمة وأحوازها وفي مختلف مناطق الجمهورية. * معلم قرآني أهلي له الصبغة القانونية ويحظى بإشراف السلطات المحلية والجهوية ووزارة الشؤون الدينية يعمل في شفافية ووضوح وبعد تام عن كل ريب أو انحراف عن الغاية الأولى والأخيرة التي هي تحفيظ القرآن الكريم للراغبين في التفرغ لحفظه وهؤلاء وأسرهم يستحقون تحية إكبار وتقدير لأنهم آثروا الذي هو أبقى في هذا الزمن الذي طغت فيه المغريات المادية حتى كادت تعصف بأسس العقيدة ومستلزماتها والتي منها اليقين الراسخ الصادق الذي ينبغي أن يسلم به المؤمن والوارد في قوله جل من قائل (وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها) فهؤلاء المتفرغون لحفظ القرآن الكريم هم ولا شك من أهل اليقين ومن أهل العزم والله تبارك وتعالى لن يضيعهم ولن يضيع أجرهم وكيف لا وهم أهله؟ ألم يقل رسول الله صلى الله عليه وسلم (أهل القرآن هم أهل الله وخاصته)؟ ولأجل ذلك فإن الله تبارك وتعالى يسخر لهم بعضا من عباده الذين أفاء عليهم من خيره العميم وممن بواهم ارفع المواقع والمسؤوليات كي يمدوا لهؤلاء الحفاظ يد المساعدة حتى يتفرغوا لما يسرهم الله إليه وشرفهم به ألا وهو تعلم القرآن وتعليمه، وهكذا تنافس المسلمون في كل ديار الإسلام في البذل والعطاء من أجل أن يتواصل سند حفظ القرآن وتحفيظه. ولاشك أن بذل المعروف وتقديم المساعدة في هذا المجال هو اليوم من أعظم أبواب البر والإحسان وأفضلها وأكثرها جدوى وإفادة ولا نغالي عندما نقول انه ينبغي أن يقدم حتى على تشييد المساجد في الأماكن التي توجد فيها ولا تفتقر إليها فضلا عن تزويقها والمغالاة في ذلك!! * زاوية فريانة لتعليم القرآن وتحفيظه عينة ناطقة للعمل المبرور المتواضع في إمكانياته المادية والبشرية ولكن المبارك في نتائجه وقبل ذلك وهذا هو الأساس الخالص لله في غايته وهدفه (وما كان لله دام واتصل). يقوم على هذه الزاوية شيخ بارك الله في أنفاسه وجهوده تساعده أسرته (زوجته وأبناؤه) بالمتاح الذي في الإمكان يفعلون ذلك بكل تلقائية وتشرف وشعور بالسعادة فعند كل صباح وبعد أن يستيقظ تلاميذ الزاوية ويبادرون إلى آداء الصلاة جماعة وراء شيخهم الشيخ بلقاسم التليلي ثم ينطلقون في تكرار ألواحهم التي أملاها عليهم شيخهم إلى ما بعد شروق الشمس يأتيهم اثر ذلك إفطارهم الذي أعدته لهم زوجة الشيخ في مطبخ منزلها (يا لها من مكرمة ويا له من اجر وثواب) وذلك كل يوم على امتداد العام وراء العام. أما غداء وعشاء هؤلاء التلاميذ وعددهم يقارب الخمسين فهو ما تكفلت به بعض أسر وعائلات فريانة بتطوع وتلقائية وفي تنافس كبير بينها أيها تحظى بهذا الشرف ونوال الأجر والثواب، إنها تجربة فريدة من نوعها في التكافل والتعاون على البر والتقوى كل تلميذ من تلاميذ الزاوية تضمه إحدى الأسر في فريانة إليها فيأتيه غداؤه وعشاؤه مما تعده هذه الأسر من طعام ويقيني أن هذه الأسر المتطوعة بهذا الإطعام لتلاميذ الزاوية لم يزدها ذلك إلا بركة وهي لاشك أنها رأت ولمست آثار ذلك في كل شؤونها وأحوالها. ألم يقل رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه (عبدي أنْفِق أنفِقْ عليك)؟ ألم يخبر عليه الصلاة والسلام أن ملكا ينادي من عند الله (اللهم إعط منفقا خلقا)؟ إن هذا الصنيع من أهل فريانة داخل ولاشك ضمن صنائع المعروف التي قال عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم أنها (تقي مصارع السوء). ألا بورك في فريانة وفي أهل فريانة وبورك في زاوية فريانة وشيخها وسائر أفراد أسرته الكريمة وجازاهم الله عن القرآن وأهله خير الجزاء./.



الكلمات الشائعة

 

الأستاذ محمد صلاح الدين المستاوي

خريج جامعة الزيتونة كلية الشريعة قسم الفقه وأصول الفقه : الليسانس وشهادة الدراسات المعمقة في موضوع : شروح الموطأ باحث بجامعة أكسان برفانس مرسيليا فرنسا من 2001-2002 إلى 2008-2009

الكلمات الشائعة

العنوان

28 نهج جمال عبد الناصر –تونس
+216 71 43 21 33
+216 71 32 71 30

الاسلام: حقائق وأعلام ومعالم

موقع الشيخ محمد صلاح الدين المستاوي عضو المجلس الإسلامي بتونس وخريج جامعة الزيتونة (كلية الشريعة وأصول الدين) يتضمن تعريفا بالشيخ والده الحبيب المستاوي رحمه الله وهو احد علماء الزيتونة ودعاة الإسلام حيث سيجد المتصفح لهذا الموقع فقرات من أعماله.