مولد الرسول الأعظم هو بحق مولد النور والهداية والمعرفة واليقين

مولد الرسول الأعظم هو بحق مولد النور والهداية والمعرفة واليقين


يوشك أن يظلنا عيد من أعز أعيادنا الاسلامية وأحبها الى قلوبنا وهو عيد مولد الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم ذلك المولد الذي هو بحق مولد النور والهداية ومولد المعرفة واليقين ومولد الاسلام والسلام، ولقد توالت الاحتفالات في ربوع العالم الاسلامي منذ أمد بعيد ولم تزده الأيام الا جدة ولم يستوف الشعراء والخطباء تلك المعاني السامية والاستنتاجات البديعة الحكيمة التي هي عظيمة بعظمة محمد، وعميقة بعمق الاسلام، ومتجددة بتجدده، ورائعة بروعته، وخالدة بخلوده، فلا غرو ان ينهل الناهلون من ذلك النمير الفياض ولا عجب ان يجد المتكلمون من روائع البيان وخرائد القريض ما يقدم في كل مولد كعربون ولاء لصاحب الدعوة الاعظم ولرائد البشرية الاكرم محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم ذلك الرجل الذي أعاد للخائف أمنه وللمسترق حريته وللعالم توازنه واستقراره وللقيم الانسانية بهاءها وجلالها والذي زعزع أركان الشرك وقوض دعائم الطاغوت من غير امعان في التشفي ولا ازهاق للكرامة فكيف لا تكون الانسانية مدينة له بعرفان الجميل وهو الذي ختم الله به رسالات السماء بعد ان صهرها كلها في بوتقة دينه السمح وشريعته البيضاء.

         *ان رجلا غادر الحياة منذ اربعة عشر قرنا وهو أقرب الى الاحياء ممن غادرهم أمس لهو الحري بان يجعل وحده المثل الأعلى والغاية التي يدلج نحوها السارون، فمن يا ترى يدانيه اذا ما عدت المغانم التي تسدى للبشرية والمكاسب التي تحرز عليها من وراء جهاد المناضلين وتضحيات المصلحين؟ من هو المصلح الذي كانت جميع تصرفاته حكما وكل أقواله دروسا؟ من هو الذي أعطى للقيم الأخلاقية معاييرها الصحيحة ومقاييسها المضبوطة؟

         من عساه يكون هذا الذي تجمعت فيه كل معاني الخلود غير محمد صلى الله عليه وسلم؟ ما أحرى أمة أضحت بالاسلام خير أمة أخرجت للناس، ما أحراها بان تقف في كل مولد نبوي جديد لتحاسب نفسها على ما حققته لرسالة محمد صلى الله عليه وسلم من مكاسب؟ ولتستعرض أعمالها في سبيل الرسالة المحمدية. ولتنظر كم أحيت لهذا الدين من سنة ولتقر العزم في النهاية على أخذ هذا الدين كعنصر قوة وفلسفة حياة وكأعظم سبب من أسباب السعادة والمناعة والاستقرار؟

         هذه بعض حقائق الذكرى وهذه أقل فائدة مما يلتمسه الرشداء منها وأنها لتفقد كل سر من أسرارها العظيمة اذا اقتصرت على سرد قصة المولد الشريف وهذه بكل أسف ظاهرة لا يبعد أن يكون أدوى أدوائنا وأخطر عللنا، فمتى نتوجه الى اصلاح أنفسنا؟، ومتى نحقق الانسجام الكامل بين أقوالنا وأعمالنا؟، ومتى نعطي لديننا ما يستحقه من مركز ممتاز في ضبط علائقنا وفي تنظيم أمورنا وفي السيطرة الكاملة على شؤون حياتنا؟ وهو وأيم الله ليس بعيدا على شيء من ذلك ولا مناقضا لروح التطور ولا معرقلا لانطلاقات الشعوب والجهل به فقط هو الذي يجعله غريبا بين أهله مهجورا من أولي رحمه.

         *ان يوما افتر فيه ثغر الكون عن أجمل بسمة بميلاد الاب الحقيقي للبشرية اب الروح، آخر الرسل بالجسم وأولهم بالمعنى محمد العربي صلوات الله عليه وتسليمه، ان هذا اليوم لهو كالغرة في جبين الدهر وانه ليوم تجلى فيه الخلاق على عباده بالرحمة وأغدق عليهم جلابيب النعم وأنزل عليهم من ذكره الحكيم وكلامه القديم ما يقيهم من شرور أنفسهم وشرور دنياهم وما يشع عليهم أنوارا توضح لهم السبيل وتجنبهم العثار والضلال. (لقد جاءكم من الله نور وكتاب مبين يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام ويخرجهم من الظلمات الى النور بإذنه ويهديهم صراطا مستقيما) (لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم فإن تولوا فقل حسبي الله لا اله الا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم) (محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا سيماهم في وجوههم من أثر السجود ذلك مثلهم في التوراة ومثلهم في الانجيل كزرع أخرج شطأه فآزره فاستغلظ فاستوى على سوقه يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجرا عظيما) بهذه الآيات البينات امتدح الله حبيبه محمدا صلى الله عليه وسلم

         ولله در من قال:

                            أأمدح من اثنى الاله بنفسه ** عليه فكيف المدح من بعد ينشأ

         وليس أبعد منه أيضا ذلك الذي يقول:

                          ومهما أطلت المدح مدح محمد    فلست بآت عن أقل القلائل 

                            كفاه مديحا ان تكفل ربه          بتعداد أوصاف له وجلائل

                            عليه سلام الله في كل لحظة     وبالمولد الميمون من كل قايل

ألا ان محمدا صلى الله عليه وسلم لغني بربه عن مدح المادحين وبكاء الباكين ورثاء الراثين وان مدحه واكباره وعرفان فضله لا يكون بتعداد شمائله ولا بذكر فضائله فقط انما المدح الحقيقي والعرفان الصادق هو اقتفاء آثاره والتأدب بآدابه والتخلق بأخلاقه والعمل الجدي المتواصل على نشر سنته وسيرته واعزاز ملته، هذه هي فوائد المديح وايات العرفان ووسائل القربى وهي التي تجمع الرضى والمحبة والاخلاص ورضى الله ورضى الضمير وحب محمد ودين محمد والاخلاص للأمة وللنفس وللانسانية عموما ومن كان أكثر انسجاما مع هذه الحقائق كان أشد التصاقا وأقوى صلة بمحمد صلى الله عليه وسلم

         *ويوم نتلاقى في جنان الخلد مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء سوف يكون أحب الناس لمحمد صلى الله عليه وسلم وأقربهم منه منزلة أولئك الذين يبلغون رسالات ربهم ويدافعون عن دينه ويحيون ما أحياه ويميتون ما أماته ذلكم هم الصادقون و(أولئك هم المتقون لهم درجات عند ربهم ومغفرة ورزق كريم)



الكلمات الشائعة

 

الشيخ الحبيب المستاوي

الكلمات الشائعة

العنوان

28 نهج جمال عبد الناصر –تونس
+216 71 43 21 33
+216 71 32 71 30

الاسلام: حقائق وأعلام ومعالم

موقع الشيخ محمد صلاح الدين المستاوي عضو المجلس الإسلامي بتونس وخريج جامعة الزيتونة (كلية الشريعة وأصول الدين) يتضمن تعريفا بالشيخ والده الحبيب المستاوي رحمه الله وهو احد علماء الزيتونة ودعاة الإسلام حيث سيجد المتصفح لهذا الموقع فقرات من أعماله.