لأول مرة وبسبب (الكورونا) يحرم رواد المقام الشاذلي من احياء موسمهم السنوي

لأول مرة وبسبب (الكورونا) يحرم رواد المقام الشاذلي من احياء موسمهم السنوي


للأسف الشديد وبسبب تداعيات جائحة (ا لكو رونا) لم يتسن هذا العام لرواد المقام الشاذلي ان يحيوا الموسم السنوي الذي يمتد كل عام من اول خميس من شهر جوان الى اول خميس في شهر سبتمبر طيلة14 أسبوعا .

مضت على هذا الترتيب المتفرد في التنظيم المحكم لا اقول العقود من السنين بل القرون. قد لا يكون ذلك مباشرة على اثر تشييد هذا المقام من طرف الامام الشاذلي رضي الله عنه وقبل رحيله الى الديار المصرية لكن الأكيد ان الامام الشاذلي كان يحي ليالي الجمعة في مقامه الذي يظل عامرا بذكر الله الى مطلع الفجر .

العمل الشاذلي في المقام ركيزته الأساسية القران الكريم الذي تنطلق تلاوته الجماعية اثر أداء صلاة العشاء (ويشهد المقام الشاذلي ختمين للقران الأولى في الليلة الخامسة والثانية في الليلة الرابعة عشر وهي ليلة اختتام الموسم) تعقب تلاوة القران قراءة الأحزاب( حزب البحر وما هو مرتب من الأحزاب الأخرى لكل ليلة من ليالي الموسم) ويكون الختام بالدخول الى خلوة الذكر.

والذكر في العمل الشاذلي باسم الله( الله .هو ) ثم تؤدى صلاة الفجر جماعة وينصرف رواد المقام على امل اللقاء في الأسبوع القادم. *موسم ديني قراني روحي رفيع ومتميز لا تكاد تظفر له نظيرا على امتداد بلاد الإسلام من المغرب الى المشرق وهو ما شد اهتمام الباحثين والد ارسين واعتبروه خصوصية تونسية وهي بالفعل خصوصية تغبط عليها تونس وشعبها وفيها اسرار وانوار لا ينكرها الا من حرموا تذوق الاشواق والانوار....

هذاالعام و بسبب تداعيات جائحة (الكورونا) و لأول مرة وهو مااشهد عليه شخصيا بفضل الله علي لما يزيد على نصف قرن من عمر الزمان . وهناك من هم اكبر مني سنا واسبق مني في ارتياد المقام الشاذلي يشهدون بعدم انقطاع العمل الشاذلي. * طيلة العقود المنقضية لم يتوقف العمل الشاذلي وظل يقام في المقام الشاذلي وظل رواد المقام من كل الفئات الاجتماعية من تونس ومن خارجها( بالخصوص الفرنسيون المهتدون من تلاميذ الأستاذ مصطفى فلسان) ظل هؤلاء يواكبون المو سم الشاذلي. و من هؤلاء الرواد من يواكب كل مكونات العمل الشاذلي من اوله الى اخره ومنهم من يتابع بعض فقراته والجميع يعودون من المقام بزاد روحي يحرصون على عدم الغياب عن الموسم الا لمانع قاهر. بسبب جائحة (الكورونا) حرم الشاذلية من ارتياد المقام وشهود الموسم رغم رفع الحجر والتعليق لارتياد المعالم الدينية( المسااجد والجوامع والزوايا)

فقد فتحت المغارة الشاذلية ليومي الجمعة والسبت واستثني المقام تاركا حسرة واسفا شديدين في انفس الشاذلية ولسان حالهم يقول انه كان يمكن للمقام ان يفتح مثلما فتحت المغارة مع الالتزام بكل ما يقتضيه الاحتياط والوقاية حصوصا وان العمل في الموسم مثل المغارة كلاهما يقعان في رحاب المقام والمغارة في الهواء الطلق .والتباعد بين الرواد سواء عند أداء الصلاة جماعة او عند تلاوة القران وقراء ة الأحزاب ممكن. وهو ما حرصت عليه بانضباط شديد هيئة السدنة من رجال المقام والمغارة بمتابعة من الشيخ فتحي د غفوس و هوما تفهمه وتجاوب معه رواد المغارة.

لقد تمنى رواد المقام الشاذلي ان لا يحرموا على الأقل من احياء الأسابيع الأخيرة من موسمهم الروحي او على الأقل ليلة الختم . فليلة الختم ليلة مشهودة من حيث الاعداد الكبيرة التي تتقاطر من قبل صلاة المغرب على المقام حتى تجد مكانا يمكنها منه متابعة مختلف فقرات ليلة الختم. * وهي ليلة مشهودة مليئة بالانوار والاسرار والبركات وكيف لا وهي ليلة ختم القران .وعند الختم دعاء ليس بينه وبين الله حجاب .وليلة دعاء والدعاء مخ العبادة. و الامام أبو الحسن الشاذلي رضي الله عنه فارس من فرسان الدعاء الذي تخشع به القلوب وتدمع به العيو ن. *والدعاء كان ولايزال تحف بسببه الالطاف الإلهية الظاهرة والخفية البلاد التونسية وأهلها وذلك معيش وملموس وتشهد عليه كل النوازل واخرها جائحة( الكورونا )التي مع الاخذ بالا سباب وهذا لازم ويذكر ويشكر ولا بد من الالتزام به. الا ان هناك عوامل أخرى تدخلت في جعل اثر( الكورونا) يكون محدودا بالمقارنة مع غير بلاذنا. وهو لم يجد له اهل الذكر من الأطباء والعلماء والمختصين تفسيرا سوى انها الطاف واسرار لا يمكن ان تكون مادية..

وما يدور في المقام والمغارة وجامع الزيتونة المعمور وغيرهما من قراءة للقران ودعاء وذكر وصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي مفتاح القبول( و لا يرد القضاء الا الدعاء) ومن الادعية الكثيرة التردد على السنة التونسيين والشاذلية( اللهم الطف بنا في ماجرت به المقادير). ان ما سلى الشاذلية وخفف عليهم حرمانهم هذا العام من احياء موسمهم السنوي المعتاد هو عودة المغارة الى سالف نشاطها ولو بصفة جزئية وما يسليهم أيضا هو ما بشر به رسول الله صلى الله عليه وسلم امته ان الله تبارك وتعالى يكتب الثواب والاجر عن العمل الصالح الذي يلتزم به عبده قبل مرضه او سفره وينقطع عما اعتاده من العمل الصالح بسبب المرض والسفر كرما وجودا وتفضلا منه سبحانه وتعالى اذ( يبلغ المرء بنيته ما لا يبلغه بعمله) و نية المرء خير من عمله.

واذا كان في العمر متسع وامد الله في الانفاس فموعد رواد المقام الشاذلي مع ما اعتادواعليه من انوار واسرار وبركات في العام القادم ان شاء الله وقد اذهب الله وباء جائحة (الكورونا) وعافى الله الجميع من مخاطرها و(ان غدا لناظره قريب) فالله كل شيء قدير و هويقول للشيء (كن فيكون) وهو سبحانه سميع مجيب وهو القائل( امن يجيب المضطر اذا دعاه ويكشف السوء) ولله الامر من قبل ومن بعد ويومئذ يفرح المؤمنون./



الكلمات الشائعة

 

الأستاذ محمد صلاح الدين المستاوي

خريج جامعة الزيتونة كلية الشريعة قسم الفقه وأصول الفقه : الليسانس وشهادة الدراسات المعمقة في موضوع : شروح الموطأ باحث بجامعة أكسان برفانس مرسيليا فرنسا من 2001-2002 إلى 2008-2009

الكلمات الشائعة

العنوان

28 نهج جمال عبد الناصر –تونس
+216 71 43 21 33
+216 71 32 71 30

الاسلام: حقائق وأعلام ومعالم

موقع الشيخ محمد صلاح الدين المستاوي عضو المجلس الإسلامي بتونس وخريج جامعة الزيتونة (كلية الشريعة وأصول الدين) يتضمن تعريفا بالشيخ والده الحبيب المستاوي رحمه الله وهو احد علماء الزيتونة ودعاة الإسلام حيث سيجد المتصفح لهذا الموقع فقرات من أعماله.