ضرورة ان تكون الدعوة الى الإيمان وعمل الصالحات محور الخطاب الديني ومضمونه

ضرورة ان تكون الدعوة الى الإيمان وعمل الصالحات محور الخطاب الديني ومضمونه


لم تمر الامة الاسلامية عبر تاريخها المديد بمحنة اشد من المحنة التي تمر بها في هذه الايام، محنة الاختلاف والتنازع والتشرذم القاتل !! نعم لقد شهدت بعض ارجاء الساحة العربية الإسلامية في مراحل تاريخية معينة اقتتالا ولكن ذلك كان محدودا وظلت بقية الامة في مناى من الفتنة. أما اليوم ويكفي ان نضغط على ازرار اجهزتنا الالكترونية والتلفزية ليطل علينا منها شيوخ تملأ صورهم الشاشات يكاد يتطاير الشرر من اعينهم وتتعالى اصواتهم المزمجرة في تعبئة ممنهجة لمن يجلسون اليهم وهم بالمئات ان لم نقل بالالاف فضلا عمن يتابعون هذه الخطب الحماسية من ملايين المشاهدين للفضائيات الدينية التي تتنامى اعدادها كل يوم وهي في اغلبها فضائيات طائفية تخوض معاركها الموهومة في الساحة العربية الاسلامية!! فضائيات تضرب عرض الحائط بما تعدد وتواتر من النصوص المحكمة من القرآن والسنة والصفحات المشرقة السمحة من السيرة المحمدية العطرة الداعية الى وحدة الامة، والى الاعتصام بحبل الله والى التآخي والتحابب والتراحم والتآزر والايثار، انها الأمة الواحدة (وان هذه امتكم امة واحدة) فربها واحد ونبيها واحد وكتابها واحد وقبلتها واحدة واركانها دينها الخمسة واحدة وحلالها واحد وحرامها واحد * هذه الأمة التي هذه خصائصها وتلك ثوابتها وحقوقها على بعضها البعض، هاهي اليوم متقاتلة متنازعة متشرذمة تفعل ببعضها البعض ما لا يفعله العدو بعدوه يحق عليها قول القائل: أهؤلاء المسلمون؟!أبدا تكذبني الظنون * الغريب العجيب والمريب ان هؤلاء الخطباء يخرجون من الملة من تنطق السنتهم بالشهادتين ويقرون بذلك في الجنان ويعملون بالأركان ولا ينكرون أي معلوم من الدين بالضرورة ومع كل ذلك فان كل طرف يكفر الآخر!! وهم بذلك يدفعون انكروا ام اعترفوا – اتباعهم الى ازهاق الأرواح وقتل الانفس البشرية وهو ما نراه صباح مساء!! كان على هؤلاء الخطباء وهم علماء في الكثير منهم ان يطفؤوا نيران الفتنة لا ان يوقدوا نيرانها وهم من يعلمون حق العلم ان الفتنة نائمة ملعون من يوقظها!! * ايعقل اليوم بعد مضي اكثر من الف واربعمائة عام ان يتمحور الخطاب الديني لهؤلاء حول ما دار في السقيفة بعد انتقال الرسول الأكرم صلى الله عليه وسلم الى الرفيق الاعلى وما تبع ذلك من احداث في معركة الجمل وصفين وترتب عن كل ذلك من انقسامات ونزاعات طائفية هي في الحقيقة والواقع سياسة دنيوية لا تمت الى الدين في ابعاده ومقاصده النبيلة التي تجمع ولا تفرق وتحبب ولا تبغض وتحي ولا تقتل. وكيف لا تكون كذلك وصاحب الرسالة هو الرحمة المهداة للناس كافة (وما أرسلناك الا رحمة للعالمين) * وهذه الانقسامات ننزه منها الصحابة ومن تبعهم وآل البيت ومن انتسب اليهم ومن احبهم بمصداقية، فحاشاهم رضي الله عنهم وارضاهم: صحابة وآل البيت ان يقروا من ادعى الانتماء اليهم على هذه التقسيمات والاختلافات وهذه الكراهية والبغضاء لقد كانوا رضي الله عنهم متحابين متآخين في غالبيتهم العظمى وسارت الأمة في جمهورها العريض على نهجهم والتزمت بالوسطية التي لا افراط فيها ولا تفريط وتمسكت بما راته حسنا (وما رآه المسلمون حسنا فهو عند الله حسن) اذ لا تجمع الامة على ضلالة اضافة الى كل ذلك الا يتنبه هؤلاء الى ان ما ياتونه من تاجيج للعواطف في الاتجاه السلبي الذي لا يخدم الا اعداء الامة، انهم يدفعون المسلمين الى ان يفعلوا ببعضهم ما لا يفعله العدو بعدوه؟! أو لا يعلم هؤلاء الذين يذكون نيران الفتنة انهم يجانبون الصواب ويتعارضون التعارض الصارخ مع كل ما تدعو اليه العقول السليمة والنصوص الشرعية المحكمة المسلمين اليه بان يكونوا صالحين لعمارة الارض جديرين بخلافة الله آخذين بالاسباب متوكلين غير متواكلين جاعلين شعارهم في الحياة تلك الآيات القرآنية المحكمة المعبرة عن القوانين الحضارية التي امر الله باعتبارها واحترامها والعمل بمقتضاها والتي منها قوله جل من قائل (ان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بانفسهم) وقوله سبحانه وتعالى ( وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون) وقوله في سورة العصر (والعصر ان الانسان لفي خسر الا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر)



الكلمات الشائعة

 

الأستاذ محمد صلاح الدين المستاوي

خريج جامعة الزيتونة كلية الشريعة قسم الفقه وأصول الفقه : الليسانس وشهادة الدراسات المعمقة في موضوع : شروح الموطأ باحث بجامعة أكسان برفانس مرسيليا فرنسا من 2001-2002 إلى 2008-2009

الكلمات الشائعة

العنوان

28 نهج جمال عبد الناصر –تونس
+216 71 43 21 33
+216 71 32 71 30

الاسلام: حقائق وأعلام ومعالم

موقع الشيخ محمد صلاح الدين المستاوي عضو المجلس الإسلامي بتونس وخريج جامعة الزيتونة (كلية الشريعة وأصول الدين) يتضمن تعريفا بالشيخ والده الحبيب المستاوي رحمه الله وهو احد علماء الزيتونة ودعاة الإسلام حيث سيجد المتصفح لهذا الموقع فقرات من أعماله.