حتى لا ينقطع السند العلمي

حتى لا ينقطع السند العلمي


علماء الدين وفقهاء الشريعة هم أقباس نور وأسرجة هداية تسترشد بهم الأمة وتهتدي بهم الى الطريق القويم والمنهج السليم، انهم ورثة الانبياء والمرسلين لم يرثوا عنهم درهما ولا دينارا وانما ورثوا العلم الذي رفع درجتهم وضاعف عملهم وبارك سعيهم. ووجود هؤلاء العلماء الأعلام في الأمة على تعاقب أجيالها وعصورها هو صمام الأمان والحصن المنيع الذي تتحطم دونه هجمات الأعداء ومكر الخبثاء وانحراف الدهماء ... انهم الطائفة من الأمة التي ينبغي ان تنفر (وما اجمل هذا التعبير القرآني وما أدقه) لتتفقه في الدين لتنذر قومها اذا رجعت اليهم فكأن الارشاد القويم والاصلاح الصحيح والانذار من سيء العواقب لا يمكن ان تقوم به الا هذه الطائفة التي أراد الله بها خيرا ففقهها في الدين. انهم أهل الذكر في علوم الدين والشريعة الذين ينبغي ان يقع الرجوع اليهم وسؤالهم كلما اختلطت السبل وتعددت على الأمة ان تعمل كل ما في وسعها لكي تظل هذه الطائفة موجودة مثل وجود طوائف أخرى في مجالات أخرى بل لعل فقدان غير علماء الدين يهون خطبه ويمكن رتقه بالتعاون والتعاقد وبذل الأموال لأن هذه الاختصاصات في المجالات الأخرى ليست حكرا على المسلمين ولا خاصة بهم. وقد عرفت الأمة في عصورها المتعاقبة سبيل تأمين حصونها وتكوين هذا الصنف من الجنود المغاوير فوفرت لهم الأجواء واحتضنتهم منذ الصبى المبكر فنشأتهم على العلم بكتاب الله وسنة نبيه وتدرج تكوينهم حتى احاط بعلوم اللغة والشرع وشؤون الحياة وكانت كبريات المساجد في بغداد والشام ومصر والقيروان وتونس وفاس ومراكش وسائر بلاد الاندلس وغيرها من البلاد الإسلامية تزخر بحلقات العلم يؤمها الطلاب من كل فج عميق ليتفقهوا في الدين ولينذروا بعد ذلك قومهم اذا رجعوا اليهم. فكان هؤلاء العلماء حماة الدين وحراس العقيدة بل كانوا وراء كل نهضة وصحوة ونصر بعد هزيمة وعزة بعد ذلة. ان التاريخ يشهد ان جيوش المسلمين وجموعهم ما وحد صفوفهم وجمع كلمتهم وأيقظهم من غفوتهم وحفظ لهم عقيدتهم سليمة من كل شائبة وزيغ الا علماء الدين وفقهاء الشريعة فلم تستنكر الأمة في سبيل الاكثار منهم اي مجهود بذلته أو تضحية قدمتها بل على العكس من ذلك فقد تنافس الأمراء والمأمورون في هذا المجال فشيدوا المعاهد ودور الحكمة والجامعات والمكتبات • ولكن الأمر في العصور الأخيرة اختلف وتوجه المسلمون في مختلف بلدانهم الى ما يسمى بالعلوم المدنية الحياتية فاولوها كبير الاهتمام ولسنا ضد هذا الاتجاه فكل ما فيه اعزاز المسلمين وقوتهم ندب اليه الاسلام ورغب فيه ودعا اليه ولكن الذي لا نقره في هذا الاتجاه الجديد ان يكون هذا الاهتمام بالعلوم المدنية على حساب العلوم الشرعية الدينية ففي ذلك الخطر كل الخطر وقد لا ننتبه الى هذا بسرعة ولكننا شيئا فشيئا نكتشف فداحة الخسارة وعظم الكارثة وذلك عندما ينتصب للأمر والنهي في شؤون الدين والشريعة من لم يكن تكوينهم متينا ولا سليما • اننا نلمح في افق العالم الاسلامي بوادر انقسامات واختلافات منذرة بالوبال الشديد وان المصيبة لعظمى عندما يكون ذلك في ميدان العقيدة الغراء والشريعة السمحة وسبب ذلك يعود الى حالة اوشكنا على الوصول اليها اذا لم نبادر باتخاذ الاحتياطات اللازمة والسريعة.هذه الحالة هي انقطاع السند العلمي في الأمة الإسلامية بموت العلماء الأعلام ورحيل الفضلاء الأشراف واحدا بعد الآخر ويكاد لا يتفطن لهول هذا المصاب الا القليل ممن ليس بأيديهم امر تغيير ما بلغته الأمة في هذا المجال من وضع مؤلم الصدى 16 جوان 1985



الكلمات الشائعة

 

الأستاذ محمد صلاح الدين المستاوي

خريج جامعة الزيتونة كلية الشريعة قسم الفقه وأصول الفقه : الليسانس وشهادة الدراسات المعمقة في موضوع : شروح الموطأ باحث بجامعة أكسان برفانس مرسيليا فرنسا من 2001-2002 إلى 2008-2009

الكلمات الشائعة

العنوان

28 نهج جمال عبد الناصر –تونس
+216 71 43 21 33
+216 71 32 71 30

الاسلام: حقائق وأعلام ومعالم

موقع الشيخ محمد صلاح الدين المستاوي عضو المجلس الإسلامي بتونس وخريج جامعة الزيتونة (كلية الشريعة وأصول الدين) يتضمن تعريفا بالشيخ والده الحبيب المستاوي رحمه الله وهو احد علماء الزيتونة ودعاة الإسلام حيث سيجد المتصفح لهذا الموقع فقرات من أعماله.