بمناسبة انطلاق موسم الزيارات للمقام الشاذلي الخميس 28 ماي

بمناسبة انطلاق موسم الزيارات للمقام الشاذلي الخميس 28 ماي


ينطلق على بركة الله يوم الخميس 28 ماي موسم الزيارات الصيفية للمقام الشاذلي وهو موسم اعتدنا ان نقف عند انطلاقه لنذكر ببعض ما يتضمنه هذا الموسم الديني الروحي الذي كتب الله له الاستمرار على امتداد العقود بل القرون ولو لا ان ما يدور فيه من فعاليات لا تشوبها اية شائبة مما ينافي الاخلاص لما دامت وقد قيل (ما كان لله دام واتصل) • فليس وراء العمل الشاذلي هيئة ولا جهة رسمية توفر الامكانات المادية والبشرية في سبيل إنجاح هذه الفعاليات فلقد اقتصر هذا التدخل في بعض السنوات على حضور محتشم ثم انصراف سريع ليعمر الفضاء بأهله وهل اهله إلا أولئك الذين اجتذبتهم روحانية المكان القوية والتي لا يمكن ان يسلم بها الا من يعيش تجربتها ويتذوق حلاوتها؟ وان لها لحلاوة هي حلاوة ايمانية • والأماكن مثل الأزمنة والأشخاص تتفاضل، ولا شك ان أفضلها ما يعمر منها بما يرضي الله سبحانه وتعالى من الأفعال والأقوال ويمتد الى أزمنة بعيدة قد تتجاوز مجيء الاسلام كما هو الحال بالنسبة للمغارة الشاذلية التي هي جزء من المقام الشاذلي فان كتب المناقب والتاريخ تقول انه قبل ان يتخذها الامام الشاذلي معتكفا له كان يتعبد فيها راهب وهل الرهبان الا اناس نذروا أنفسهم في صوامع لعبادة الله؟ وهل الأديان السماوية الا سلسلة تتصل حلقاتها من آدم عليه السلام الى خاتمهم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم؟ • لا نريد في هذا الحيز ان نتوسع في البحث عن الأدلة الشرعية على ان ما يدور في المقام الشاذلي بقطع النظر عن جزئيات بسيطة لا ننكرها ويقع التنبيه عليها باستمرار هو عمل شرعي ديني يدخل ولا شك في مجال التزكية التي هي المهمة الأساسية التي بعث من أجلها سيد الأنام عليه الصلاة والسلام (يتلو عليهم آياته ويزكيهم) والتزكية هي سبب الفلاح (قد أفلح من زكاها) • العمل الشاذلي في موسم الزيارات السنوية يدخل في إطار المجهود الإضافي الذي ينبغي على المسلم ان يبذله ليصل بايمانه الى درجة الإحسان والله تبارك وتعالى كتب الإحسان في كل شيء، الإحسان هو كما أجاب رسول الله صلى الله عليه وسلم سائله: (أن تعبد الله كأنك تراه) ولا يصل المسلم الى هذه الدرجة إلا بمجاهدة ومكابدة (والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا) والجهاد الأعلى درجة والأكبر هو جهاد النفس واذا انتصر فيه صاحبه فقد فاز، وهو جهاد لا يحتاج الى اذن ولي أمر، وسالكه والسائر في نهجه القويم يسلم الناس من لسانه ويده، وهو في مأمن من مصائد الشيطان ومن اتباع هوى النفس الأمارة بالسوء • قوام العمل الشاذلي الذي تدور فعالياته بمختلف فقراتها المنظمة تنظيما محكما وعجيبا اذ لكل اسبوع من الأسابيع الأربعة عشر برنامجه، • قوام العمل الشاذلي البداية بأداء صلاة العشاء جماعة ثم قراءة جماعية لنصيب من القرآن الكريم يرتل ترتيلا بإشراف شيخ حافظ هو شيخ القراء ومعه ثلة من الحفظة المتميزين يزينون هذه الحلقة المباركة التي كان يحرص على ارتيادها والمشاركة فيها المشائخ الأعلام من الزيتونة قلعة العلم التي لا يمكن ان تتهم بتكريس ما يخالف الشرع في نصوصه ومقاصده ويلتف حول الحلقة القرآنية التي هي الفقرة الأساسية في العمل الشاذلي المحبون للقرآن يحرصون على تلاوته من حفظهم او من المصاحف أليس هذا العمل هو عين ما عناه رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله (ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله وإلا ...) ؟ والحديث معروف ومشهور، وهل هناك عمل بعد الفريضة أفضل من تلاوة كتاب الله؟ أليس القارئ الحرف الواحد عشر حسنات؟ • والفقرة الثانية من العمل الشاذلي هي قراءة جماعية لأحزاب الامام الشاذلي (حزب البحر وما معه حسب كل أسبوع) وهل في هذه الأحزاب إلا الذكر بكل أصنافه؟ والذاكر مذكور، والمسلم مدعو الى ان يذكر الله ذكرا كثيرا وان يذكر ربه في كل أحواله وهل في الأحزاب الا صلوات على رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد قال الله لعباده في كتابه مبتدا بنفسه (ان الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما) • وفي الأحزاب الشاذلية ضراعات ودعوات وابتهالات من القرآن الكريم ومن السنة النبوية الطاهرة ومما صاغه الامام الشاذلي وما ألهمه له الله سبحانه وتعالى وفتح به عليه. والأحزاب الشاذلية باعتراف الخاص والعام وفرسان البلاغة والبيان هي من أروع وأجمل ما صيغ قديما وحديثا وقد شاعت وذاعت هذه الأحزاب وحفظت عن ظهر قلب وكتب الله لها القبول وليس لذلك من سبب سوى الاخلاص والربانية والدرجة الروحية العالية التي سلم بها للامام الشاذلي الجميع • والذي يرتاد حلقة الأحزاب الشاذلية يشعر بسكينة وتجليات ربانية اذ تاخذ مضامين الأحزاب بمجامع القلوب فتهزها هزا فتسبح في أجواء القرب الذي ينمحي معه الزمان والمكان وكيف لا وقارئ الأحزاب يناجي ربه ويدعوه، ربه الذي هو أقرب اليه من حبل وريده، (وإذا سألك عبادي عني فاني قريب أجيب دعوة الداع اذا دعان) انه قرب ما بعده قرب، فأين هو الشرك بالله الذي يخشى منه؟ ! انها أوهام • ومضامين الأحزاب الشاذلية بآياتها وأذكارها وصلواتها ودعواتها المنطلقة من أعماق أعماق القلب ناطقة بأخص خصائص التوحيد وأدق مقتضياته فالله هو الأول والآخر، وكل شيء منه واليه (قل كل من عند الله) (وما توفيقي الا بالله) (بيده الخير وهو على كل شيء قدير) • هذه هي مضامين الأحزاب الشاذلية، إنها مضامين شرعية لا لبس فيها ولا غبار عليها فكيف لا تشد الناس اليها ويجتمعون عليها بهمة وتلقائية تشهد على ذلك جموعهم الغفيرة القادمة من كل صوب وحدب؟ • ذلك هو مضمون ومحتوى العمل الشاذلي يشرف بالقيام عليه باقتدار واعتزاز شيخ المقام سيدي حسن بن حسن حفظه الله يساعده في ذلك ثلة من المشائخ الأفاضل محمد الكرماوي والطيب بن عثمان وفتحي دغفوس أمدهم الله بالإعانة والتوفيق



الكلمات الشائعة

 

الأستاذ محمد صلاح الدين المستاوي

خريج جامعة الزيتونة كلية الشريعة قسم الفقه وأصول الفقه : الليسانس وشهادة الدراسات المعمقة في موضوع : شروح الموطأ باحث بجامعة أكسان برفانس مرسيليا فرنسا من 2001-2002 إلى 2008-2009

الكلمات الشائعة

العنوان

28 نهج جمال عبد الناصر –تونس
+216 71 43 21 33
+216 71 32 71 30

الاسلام: حقائق وأعلام ومعالم

موقع الشيخ محمد صلاح الدين المستاوي عضو المجلس الإسلامي بتونس وخريج جامعة الزيتونة (كلية الشريعة وأصول الدين) يتضمن تعريفا بالشيخ والده الحبيب المستاوي رحمه الله وهو احد علماء الزيتونة ودعاة الإسلام حيث سيجد المتصفح لهذا الموقع فقرات من أعماله.