في بيان علامات الساعة كما اخبر عنها رسول الله صلى الله عليه وسم : خطبة جمعية القاها الشيخ محمد صلاح الدين المستاوي بجامع مقرين العليا

في بيان علامات الساعة كما اخبر عنها رسول الله صلى الله عليه وسم : خطبة جمعية القاها الشيخ محمد صلاح الدين المستاوي بجامع مقرين العليا


الحمد لله العلي الأعلى، الولي المولى الذي خلق واحيا وحكم على خلقه بالموت والفناء والبعث الى دار الجزاء والفصل في دار القضاء لتجزى كل نفس بما تسعى واحمده حمد من صبر على مر القضاء واشكره شكر من رضي بقضاء ربه فكان له منه الرضا واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له شهادة عبد عرف انه الى ربه صائر وراجع ومحاسب على كل عمل هو فيه مخادع. واشهد ان سيدنا ومولانا محمدا عبده ورسوله اللهم صل وسلم عليه وعلى سائر الانبياء والمرسلين وعلى آلهم وصحبهم أجمعين كلما ذكرك الذاكرون وغفل عن ذكرك وذكرهم الغافلون أما بعد ايها المسلمون وصلنا الى الجزء الاخير من الحديث العظيم حديث جبريل حديث الاسلام والايمان والاحسان. بلغنا في الاسبوع الماضي قوله عليه الصلاة والسلام تعريفا للاحسان: الاحسان ان تعبد الله كانك تراه فان لم تكن تراه فانه يراك. يعني ان الاحسان هو مقام الشهود والقرب مقام شعور المسلم انه اينما كان فالله معه وان الله لا تخفى عليه خافية من عباده يعلم السر واخفى. وهذا يعني بالنسبة للمسلم انه اذا لم يعط الله تبارك وتعالى القدرة لبصرك كي ترى الله راي العين وذلك لاختلاف المنظور اليه عن طبيعة الناظر فلا يعني ان المنظور اليه لا ينظر اليك ولا يراك انه يراك ويرعاك، تراه بصيرتك ولا يقدر على رؤيته بصرك (لا تدركه الابصار وهو يدرك الابصار وهو السميع العليم) والذين بلغهم الله تبارك وتعالى هذا المقام مقام الاحسان انقلب ذلهم الى عز وحزنهم الى فرح وضيقهم الى سعة وضعفهم الى قوة، تذوقوا حلاوة الإيمان وتمتعت ارواحهم بجلال الله وجماله ونظروا الى الناس من عليائهم في مقامات سامية سامقة. زهدوا في الدنيا وطلقوها غبطهم اصحاب الملك على ما هم عليه وقالوا صدقا وحقا (لو ادرك الملوك ما نحن فيه لجالدونا عليه) اجل لقد قالوا امنا ثم استقاموا ومن قال ذلك جاءته البشرى سريعة (ان الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة الا تخافوا ولا تحزنوا وابشروا بالجنة التي كنتم توعدون نحن اوليائكم في الحياة الدنيا) هؤلاء الذين طلقوا الحياة الدنيا ثلاثا لا رجعة فيها واشتاقوا الى لقاء الله ولقاء محمد وصحبه الم يقل احدهم وهو يحتضر (غدا الاقي الاحبة محمدا وصحبه) جعلوا شعارهم قول ربهم (تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الارض ولا فسادا والعاقبة للمتقين) عاملين بنصيحة حبيبهم وشفيعهم (كن في هذه الدنيا كانك غريب أو عابر سبيل وكيف يطمئنون الى الدنيا وهم يرون ضحاياها واتباعها يغادرونها صباحا مساء تاركين ما جمعوا وما قدموا تاركين الابناء والاهل والخلان تاركين المال والجاه وكل الاغراض سواء كان ذلك عن رضا وطيب خاطر أو رغم الانف والنفس. الم يحكم الله حكمه المبرم (كل نفس ذائقة الموت) (كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والاكرام) (انك ميت وانهم ميتون) فاذا كان لا بد من الموت فليكن الاستعداد لها والرضا والتقبل الجميل لتدخل النفس المطمئنة في كنف ربها راضية مرضية وتدخل في عباده وتدخل جنته. ان الموت عباد الله المسلمين هو القيامة الصغرى والساعة التي نراها تقوم لاخواننا واحبابنا واصدقائنا ساعة صغرى شاهدة على الساعة الكبرى التي هي آتية لا ريب فيها. والموت حق ونحن نراه امام اعيننا صباحا مساء وصدق الرسول الكريم حين قال (كفى بالموت واعظا) واوصى الاكياس للعمل لما بعد الموت (الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت) روى ابن ماجة ان رجلا من الانصار قال يا رسول الله (اي المؤمنين اكيس قال اكثرهم للموت ذكرا واحسنهم لما بعده استعدادا أولئك الاكياس) وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه ينشد لا شيء مما ترى تبقى بشاشته يبقى الاله ويفنى المال والولد لم تغن عن هرم يوم خزائنه والخلد حاوله يوما عاد فما خلدوا ولا سليمان اذ تجري الرياح له والجن والانس فيما بينها مردوا اين الملوك التي كانت لعزتها من كل اوب اليها وافد يرد حوض هنالك مورود بلا كذب لا بد من ورده يوما كما وردوا واذا كانت الموت هي ساعة كل واحد وهي الساعة التي تنقطع فيها اعمالنا ولا يبقى لنا الا الرجاء في رحمة الله وعفوه ونبدا حياة البرزخ وهي حياة في انتظار قيام الساعة التي لا يعلمها الا الله. وهذا الرسول صلى الله عليه وسلم يجيب جبريل عليه السلام: ما المسؤول عنها باعلم من السائل.. والقرآن الكريم يوقف كل جدل ويقطع كل نقاش (يسالونك عن الساعة ايان مرساها قل انما علمها عند ربي لا يجليها لوقتها الا هو) ثم يزيد الامر وضوحا (لاتيكم الا بغتة) ولقد وردت احاديث كثيرة تتحدث عن علامات الساعة وتنقسم هذه الاحاديث الى علامات صغرى وعلامات كبرى ومن حكمة اخفاء الساعة عن الناس ان يستمر العمران في هذا الكون وان لا تسود نغمة الياس والقنوط فتتعطل نواميس الحياة قبل الاوان. وديننا الاسلامي يمتاز على غيره من الاديان بانه دين الحياتين ودين الامل الذي لا ينقطع ودين السعي لخير الدارين فلا تعارض بينهما ويضرب الرسول صلى الله عليه وسلم قمة الامل في نفس المؤمن عندما يقول ( لو كانت الساعة تقوم بيد احدكم فسيلة (جبارة) فليغرسها فله بذلك اجر) وهذا يعني ان الاجر يجعل للانسان حتى من عمل دنيوي فلا فصل ما بيين ما هو ديني و ما هو دنيوي ولاجل ذلك صح ذلك الاثر القائل (اعمل لدنياك كانك تعيش ابدا واعمل لآخرتك كانك تموت غدا) انه يعبر بحق عن روح الاسلام التي تطلب من المسلم ان يسعى من اجل الخيرين: الخير العاجل والخير الآجل ولا تعارض بين الخيرين (ليس خيركم من ترك دنياه لآخرته ولا من ترك آخرته لدنياه) ان استدلال كثير من الناس بآيات قرآنية في غير محلها لبث الياس والقنوط والدعوة الى التواكل عوض التوكل والسعي والعمل انحراف هذا المنهج ولا يعبر عن روح الاسلام، انهم يرددون قول الله تعالى (ظهر الفساد في البر والبحر...) ان الفساد يظهر بتخلي المؤمنين عن دورهم في الاصلاح والامر بالمعروف والنهي عن المنكر فيستحقون غضب الله تعالى وعقابه ويكونون كمن لعنهم الله من اليهود الذين (لا يتناهون عن منكر فعلوه) فالعلامات الصغرى للساعة التي وردت في احاديث كثيرة وظهورها لا يقضي على الامل في التغيير والاصلاح لانها ظهرت حتى في القرن الأول للهجرة والقرن الثاني وهاهي الساعة لم تقم ونحن في نهاية القرن الرابع عشر هجري فلو ان المسلمين في القرن الأول والثاني والثالث والرابع والخامس وما بعدها تلوا قول الله تعالى (ظهر الفساد في البر والبحر..) وقوله تعالى (اقتربت الساعة وانشق القمر) وقوله عليه الصلاة والسلام (بعثت انا والساعة كهاتين) لو رددوا هذا وتواكلوا وقبعوا في بيوتهم لما وصل الاسلام الى اقاصي آسيا واعماق افريقيا وحدود اوروبا ولما بلغ المسلمون اليوم مليار ولما شيدوا تلك الحضارة التي دوخت الشرق والغرب ولكننا عباد المسلمين نذكر هذه العلامات التي اذا اجتمعت وتظافرت ثم وقعت معها العلامات الكبرى فذلك ايذان بانتهاء العالم في هذا الحديث يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما سئل عن امارات الساعة ذكر بعض الامارات الصغرى قال: *ان تلد الام ربتها: ان تطيع الام ابنتها فيما يغضب الله سعيا لارضائها واخذا بخاطرها. البنت تريد ان تخرج مع صديقها الى السينما والمسرح للتجول والام لا تمانع البنت تريد ان تعود متاخرة والام لا تسال ابنتها ولا تتعقب اخبارها ولها فيها الثقة العمياء !! فللبنت ان تخالط من تشاء وتلهو مع من تشاء !! البنت تريد ان تخرج في لباس مثير كاسية عارية مائلة مميلة على راسها سنم والام لا ترى مانعا، ولو التفتنا حولنا لراينا عشرات النماذج في اسرنا وبناتنا واخواتنا وجيراننا واقاربنا. *وان ترى الحفاة العراة العالة رعاء الشاء يتطاولون في البنيان والمقصود هنا بالحفاة العراة أولئك الذين جمعوا اموالهم من الحلال والحرام واجتاحوا المدن فضيقوا على الذين لا يملكون من الحلال ما يمكنهم من مجاراتهم ولو التفتنا حولنا لراينا عشرات البنايات الشامخة والعمارات العالية تبنى في عشية وضحاها: من اين جمعت اموالها وموادها؟ هل هي من الحلال الذي لا شبهة فيه؟ ! اذا كان كذلك فلماذا لا يقدر على ذلك عشرات ومئات ممن لا يجدون اين يسكنون ويقطنون هم وعائلاتهم يمنعهم ورعهم وخشيتهم من الوقوع في الحرام ان يفعلوا مثل اجوارهم ان تلد الامة ربتها وان ترى الحفاة العراة العالة رعاء الشاء يتطاولون في البنيان ان تلد الامة ربتها معناه مخالفة توجيهات الاسلام واوامره الداعية الى توقير الكبير والبر بالوالدين الذي ورد في اكثر من آية (وقضى ربك ان لا تعبدوا الا اياه وبالوالدين احسانا) والعاق والديه لا يقبل الله منه لا صرفا ولا عدلا ولا يزكيه ولا ينظر اليه يوم القيامة ومن الدعوات المستجابة التي ليس بينها وبين الله حجاب دعوة الوالد على ولده وعندما سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم من اولى الناس بحسن المعاشرة قال: امك قال ثم من؟ فاعاد الرسول صلى الله عليه وسلم امك ثلاث مرات وفي الرابعة قال: ابوك) وسئل الرسول صلى الله عليه وسلم: اي الاعمال افضل؟ قال: بر الوالدين وقال لمن استنصحه: كن بارا بوالديك وجاءه من يريد الخروج الى الجهاد فساله: عن والديه ثم قال ففيهما فجاهد وقد اوصى الله بالوالدين خيرا ولا نجد ولو وصية واحدة للآباء بابنائهم باعتبار ان الاباء والامهات لا يحتاجون الى توصية، انهم يقومون بذلك تلقائيا ومن اولى الناس ببرنا وطاعتنا غير والدينا انهما ياتيان في الجميل والاحسان بعد الله مباشرة. فاذا خرج الناس وخرج الابناء والبنات عن توجيهات الاسلام في الطاعة والبر واساء الابناء معاملة الاباء والامهات اصبح الابناء والبنات عاقين يفعلون ما يريدون والاباء والامهات لا يملكون الا الطاعة فتلك من علامات الساعة وما ذكر في هذا الحديث عن آمارات الساعة قليل من كثير روى البخاري عن ابي هريرة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (لا تقوم الساعة حتى تقتتل فئتان عظيمتان تكون بينهما مقتلة عظيمة دعوتهما واحدة وحتى يبعث دجالون كذابون قريب من ثلاثين كلهم يزعم انه رسول الله وحتى يقبض العلم وتكثر الزلازل ويتقارب الزمان وتظهر الفتن ويكثر الهرج وهو القتل وحتى يكثر فيكم المال فيفيض حتى يهم رب المال من يقبل صدقته وحتى يعرضه فيقول الذي يعرضه عليه لا ارب لي فيه وحتى يتطاول الناس في البيان وحتى يمر الرجل بقبر الرجل فيقول ليتني مكانه وحتى تطلع الشمس من مغربها فاذا طلعت ورآها الناس آمنوا اجمعون فذلك حين لا ينفع نفس ايمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في ايمانها خيرا ولتقومن الساعة وقد انصرف الرجل بلبن لقحته فلا يطعمه ولتقومن الساعة وهو يليط حوضه فلا يسقي منه ابله ولتقومن الساعة وقد رفع لقمته الى فيه فلا يطعمها) وعن حذيفة قال (كنا جلوسا بالمدينة في ظل حائط وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم في غرفة فاشرف علينا وقال: ما يحبسكم فقلنا نتحدث قال فيماذا؟ قلنا عن الساعة فقال: انكم لا ترون حتى تروا قبلها عشر آيات اولها طلوع الشمس من مغربها ثم الدخان ثم الدجال ثم الدابة ثم ثلاثة خسوف: خسف بالمشرق وخسف بالمغرب وخسف بجزيرة العرب وخروج عيسى وخروج ياجوج وماجوج ويكون آخر ذلك نار تخرج من اليمن من قعر عدن لا تدع خلفها احدا الا تسوقه الى المحشر) وهناك علامات كبرى ورد ذكر بعضها في القرآن والبعض الاخر في السنة النبوية 1 الدخان: قال تعالى (يوم تات السماء بدخان مبين يغشى الناس هذا عذاب اليم) يملا ما بين المشرق والمغرب يمكث اربعين يوما وليلة اما المؤمن فيصيبه كهيئة الزكمة واما الكافر فيكون بمنزلة السكرات يخرج من منخريه واذنيه ودبره 2 الدجال: واسع الجبهة سقط الشعر من قبل وجهه مطموس عينه اليسرى مكتوب بين عينيه كـ فـ ر يقراه كل مؤمن كاتب وغير كاتب



الكلمات الشائعة

 

الأستاذ محمد صلاح الدين المستاوي

خريج جامعة الزيتونة كلية الشريعة قسم الفقه وأصول الفقه : الليسانس وشهادة الدراسات المعمقة في موضوع : شروح الموطأ باحث بجامعة أكسان برفانس مرسيليا فرنسا من 2001-2002 إلى 2008-2009

الكلمات الشائعة

العنوان

28 نهج جمال عبد الناصر –تونس
+216 71 43 21 33
+216 71 32 71 30

الاسلام: حقائق وأعلام ومعالم

موقع الشيخ محمد صلاح الدين المستاوي عضو المجلس الإسلامي بتونس وخريج جامعة الزيتونة (كلية الشريعة وأصول الدين) يتضمن تعريفا بالشيخ والده الحبيب المستاوي رحمه الله وهو احد علماء الزيتونة ودعاة الإسلام حيث سيجد المتصفح لهذا الموقع فقرات من أعماله.