من فضائل العشر الأواخر وليلة القدر وحكمة زكاة الفطر

من فضائل العشر الأواخر وليلة القدر وحكمة زكاة الفطر


في الثلث الأخير من شهر رمضان المعظم تتضاعف الحسنات وتتعدد المناسبات فقد جعل الله تبارك وتعالى في العشر الأواخر ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر إكراما من الله لأمة محمد عليه الصلاة والسلام حتى تكثر حسناتها ولا تسبقها الأمم الأخرى، إذ يضاف إلى رصيد السعيد من المؤمنين في كل عام عمل ألف شهر بل أفضل من ذلك فليلة القدر خير من ألف شهر فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال (من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه) متفق عليه. * وليلة القدر هي إحدى ليالي العشر الأواخر من شهر رمضان المعظم. فعن ابن عمر رضي الله عنهما إن رجالا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أروا ليلة القدر في المنام في السبع الأواخر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أرى رؤياكم قد تواطأت أي توافقت في السبع الأواخر، فمن كان متحريها فيلتحرها في السبع الأواخر) متفق عليه. * وروت السيدة عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال “تحروا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر من رمضان” رواه البخاري. * وتخبر السيدة عائشة رضي الله عنها قالت “كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر الأواخر من رمضان، أحيا الليالي وأيقظ أهله وجد وشد المئزر وتقول: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجتهد في رمضان ما لا يجتهد في غيره” رواه مسلم. فهذه الأحاديث للسيدة عائشة رضي الله عنها وهي اعرف من سواها بأحوال رسول الله تبين هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وإرشاده لامته في التحري لليلة القدر، فهي في العشر الأواخر وهي في الوتر من العشر الأواخر. وقد كان عليه الصلاة والسلام يخصها بالقيام ويخص كل العشر الأواخر بالاجتهاد، لأنها عشرة التتويج والختام وهو تتويج لا يقتصر على ليلة القدر بل يتجاوزها إلى كل ليلة إلى ليلة التاسع والعشرين. * وليلة القدر هي في حد ذاتها جائزة عظمي وتكريم كبير من المولى سبحانه وتعالى لأمة محمد صلى الله عليه وسلم إنها ليلة مشهودة ينزل فيها الله تبارك إلى السماء الدنيا الملائكة فلا يبقى شبر واحد في الأرض إلا ويعشونه ويحفونه بالنور والذين تصادفهم الملائكة في تلك الليلة وهم في حالة طاعة وقيام وتسبيح وذكر لله في هذه الليلة التي هي ليلة السلام من رب السلام على أهل السلام (تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر سلام هي حتى مطلع الفجر). إن قيامها إيمانا واحتسابا خير من قيام ألف شهر. فقد روى عن سلمان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “من فطر صائما على طعام وشراب من حلال صلت عليه الملائكة في ساعات شهر رمضان وصلى عليه جبرائيل ليلة القدر” وزاد فيه “ومن صافحه جبرائيل عليه السلام يرق قبله وتكثر دموعه”. وقد روى الإمام أحمد من طريق عبد الله بن محمد بن عقيل عن عمر بن عبد الرحمان عن عبادة ابن الصامت قال: اخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ليلة القدر فقال “هي في شهر رمضان في العشر الأواخر ليلة إحدى وعشرين أو ثلاث وعشرين أو خمس وعشرين أو سبع وعشرين أو تسع وعشرين أو آخر ليلة من رمضان، من قامها إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر”. وقد سألت السيدة عائشة رضي الله عنها قالت “قلت يا رسول الله أرأيت إن علمت أي ليلة القدر ما أقول فيها؟” قال “قولي اللهم انك عفو تحب العفو فاعف عني” رواه الترمذي. انه سبحانه وتعالى عفو كريم غفور رحيم أمرنا بالعفو وأمرنا بالرحمة وأفضل ما نسأله ونطلبه منه هو يعفو عنا فإذا عفا عنا وتجاوز عن خطايانا وذنوبنا فقد فزنا فوزا عظيما. إن هذا الدعاء الذي علمه رسول الله صلى الله عليه وسلم للسيدة عائشة وامرها أن تدعو به إن هي أدركت ليلة القدر والتمستها هو أفضل ما ندعو به الله تبارك وتعالى. وانه لسعيد أوتي الخير كله من تكرم الله عليه فعفا عنه ورحمه فكل جزاء آخر هو دون العفو. ويتواصل بعد ليلة القدر عطاء الله وجوده وإكرامه لأمة محمد عليه الصلاة والسلام إلى آخر ليلة من ليالي شهر رمضان المعظم. ففي حديث طويل يرويه أبو هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “... فإذا كان ليلة تسع وعشرين اعتق الله فيها (من الرقاب) ما اعتق في الشهر كله، فإذا كانت ليلة الفطر ارتجت الملائكة وتجلى الجبار تعالى بنوره مع انه لا بصفه الواصفون فيقول للملائكة وهم في عيدهم من الغد: يا معشر الملائكة يوحى إليهم ما جزاء الأجير إذا وفى عمله؟ تقول الملائكة: يوفى أجره فيقول الله عز وجل: أشهدكم أني غفرت لهم” رواه الأصبهاني. وفي سبيل أن يعظم الله الأجر ويجزل الثواب للصائمين قرن الله تبارك وتعالى اختتام فريضة الصيام بأداء الزكاة وبيّن الرسول صلى الله عليه وسلم المغزى منها حيث روى ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال “صدقة الفطر طهرة الصائم من اللغو والرفث وطعمة المساكين فمن أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات” رواه أبو داود وابن ماجة والحاكم. قال الخطابي: قوله فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر فيه بيان “أن صدقة الفطر فرض واجب وعن جرير رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم”صوم شهر رمضان معلق بين السماء والأرض ولا يرفع إلا بزكاة الفطر" رواه أبو حفص. وزكاة الفطر تجب على الغني والفقير فعن عبد الله بن ثعبلة أو ثعبلة بن أبي صغير عن أبيه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “صاع من بر أو قمح على كل صغير أو كبير حر أو عبد، ذكر أو أنثى غني أو فقير، أما غنيكم فيزكيه الله، وأما فقيركم فيرد الله عليه أكثر مما أعطى” رواه احمد وأبو داوود. فلكي يصعد صوم الصائم إلى البارئ ولكي يتقبله سبحانه وتعالى لا بد أن يكون هذا الصوم خاليا من كل الشوائب من لغو ورفث وسباب وسائر أنواع المخالفات من قول أو فعل لا بد أن يلحقه المسلم بزكاة تطهره وتصلح ما عسى أن يكون قد اعتراه وهو وارد في كل عمل بشري وهذه الزكاة يؤديها الصائم طيبة بها نفسه هي طعمة للمساكين حتى لا يبقى في أيام العيد مهموم أو محتاج لذلك فلا بد من التعجيل بها قبل الذهاب إلى صلاة العيد لتكون فرحة المسلمين عامة ولتكون فرحة الصائم شاملة مصحوبة بالرجاء في القبول من الله تبارك وتعالى. في زكاة الفطر وفي الصيام بما يصحبه من حض على الصدقة والإحسان والمؤازرة وعون الصائم لإخوانه المحتاجين في ذلك برهان ودليل على توجه الإسلام إلى تقوية لحمة التآخي والتحابب والتعاون على البر والتقوى بين المؤمنين بالخصوص في شهر رمضان المبارك.



الكلمات الشائعة

 

الأستاذ محمد صلاح الدين المستاوي

خريج جامعة الزيتونة كلية الشريعة قسم الفقه وأصول الفقه : الليسانس وشهادة الدراسات المعمقة في موضوع : شروح الموطأ باحث بجامعة أكسان برفانس مرسيليا فرنسا من 2001-2002 إلى 2008-2009

الكلمات الشائعة

العنوان

28 نهج جمال عبد الناصر –تونس
+216 71 43 21 33
+216 71 32 71 30

الاسلام: حقائق وأعلام ومعالم

موقع الشيخ محمد صلاح الدين المستاوي عضو المجلس الإسلامي بتونس وخريج جامعة الزيتونة (كلية الشريعة وأصول الدين) يتضمن تعريفا بالشيخ والده الحبيب المستاوي رحمه الله وهو احد علماء الزيتونة ودعاة الإسلام حيث سيجد المتصفح لهذا الموقع فقرات من أعماله.